معجبا بكرم الله: " ثامنهم -والله- وأغلى الثمن " يريد أن الله تعالى أعطاهم أكثر مما يستحقون، وأن الربح لم يأت على مقدار الشراء، بل زاد عليه وأربى.
ومثل هذا القول يروى عن قتادة والحسن البصري، وقال شمر بن عطية: " ما من مسلم إلا ولله عز وجل في عنقه بيعة، وفى بها أو مات عليها " ثم قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ معناه أن الله تعالى تعهد لهم بالجنة، سواء قتلوا وعادوا بالأجر والغنيمة، أو قتلوا وفازوا بالأجر والشهادة، أو اجتمع لهم هذا وهذا فنالوا الحسنيين ما دام ذلك كله في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله.
وفيه أيضا إشارة إلى أن المؤمن الذي يقدم نفسه وماله للجهاد في سبيل الله يكون معنويا وماديا على كامل الاستعداد للتضحية والفداء، بحيث يجود بنفسه دون أدنى تحفظ ولا حساب، كيفما كانت النتيجة المرتقبة، وهذه الروح الفدائية العليا هي التي نوه بها كتاب الله ومدحها هنا إذ قال: ﴿فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾.
ومن أجل هذا المعنى وصف المؤمن المقتول في الجهاد في سبيل الله بأنه " شهيد "، لأن إقدامه على الجود بنفسه في سبيل الله هو أقوى دليل يدل على قوة إيمانه، وصدق يقينه، وأكبر شهادة تشهد له على اعتزازه بدينه، وحماسه لملته، ووفائه لربه