على صلاتي (وهو جالس) نظر إلي، فإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال علي هجر المسلمين... ومضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا برسول رسول الله يأتيني يقول: " يأمرك رسول الله أن تعتزل امرأتك " فقلت له: " أطلقها أم ماذا أفعل؟ " فقال: " بل اعتزلها ولا تقربها ". وأرسل رسول الله إلى صاحبي بمثل ذلك... فلبثنا على هذا الحال عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى عن كلامنا، ثم صليت صلاة الصبح صباح الخمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى (في هذه الآية) قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته: " أبشر يا كعب بن مالك، أبشر " فخررت ساجدا لله، وعرفت أن قد جاء الفرج من الله عز وجل بالتوبة علينا، فأعلن رسول الله ﷺ توبة الله علينا، وأعلم بها المسلمين حين صلى الفجر، فأقبل الناس يبشروننا، ولما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي، فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك يومئذ غيرهما، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أؤم رسول الله -أي أقصده- وتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بتوبة الله، يقولون: ليهنك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله جالس في المسجد والناس حوله، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره - وكان كعب لا ينساها لطلحة- فلما سلمت على رسول الله قال وهو يبرق وجهه من السرور: " أبشر يا كعب بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ". فقلت: أمن عندك