تتوجه إليهم الأنظار هم الذين توجد مراكز نفوذهم السياسي وقواعدهم العسكرية قريبة كل القرب من عاصمة الإسلام وقاعدته الأولى " المدينة المنورة "، ممن يتربصون بالإسلام الدوائر، إذ في وجودهم بالقرب من عاصمة الإسلام خطر مباشر لا يمكن تجاهله بحال، وفيه نوع من الحصار المضروب على الإسلام، حتى لا يتسرب إلى خارج الجزيرة العربية، وينتشر فيما وراءها. وبما أن رسالة الإسلام رسالة عامة إلى كافة البشر، كان من أوجب الواجبات عليه أن يهدم السدود، ويخترق الحدود، ليشق طريقه إلى الشعوب والأمم، آمنا من الفتنة والاضطهاد، داعيا إلى إقامة دعائم الصلاح والرشاد، عاملا على دك حصون الظلم والفساد، وذلك ما دشنه رسول الله ﷺ بنفسه في غزوة تبوك آخر حياته قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية الكريمة ما خلاصته بإيجاز: " أمر الله المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولا فأولا، الأقرب فالأقرب، إلى حوزة الإسلام. ولهذا بدأ رسول الله يقاتل المشركين في جزيرة العرب، فلما فرغ منهم ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجا شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب، وأولى الناس بالدعوة إلى الإسلام، لأنهم أهل الكتاب، فبلغ تبوك ثم رجع سنة تسع من هجرته عليه السلام، ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجة الوداع، ثم عاجلته المنية بعد حجته بأحد وثمانين يوما، فاختاره الله لما عنده، وقام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق... فوطَّد