وهذه المنة الربانية التي من الله بها على عباده، بعدم إجابته دعاء الشر، هي التي تتضمنها أول آية في هذا الربع، حيث قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ أي لو أن الله استجاب للناس كلما دعوا دعاء الشر لأهلكهم. قال مجاهد في تفسير هذه الآية: " دعاء الشر هو قول الإنسان لولده أو ماله إذا غضب عليه: " اللهم لا تبارك فيه والعنه " فلو يعجل الله لهم الاستجابة في ذلك، كما يستجاب لهم في الخير، لأهلكهم. قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدعون أحدكم على نفسه، فربما صادف ساعة لا يسأل الله فيها أحد إلا أعطاه إياها). وروى البزار في مسنده أن رسول الله ﷺ قال: (لا تدعوا على أنفسكم. لا تدعوا على أولادكم. لا تدعوا على أموالكم. لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم) وإلى مثل هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾. [الإسراء: ١١].
أما دعوة المظلوم على ظالمه ولو كانت دعوة شر على الظالم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، كما جاء في الحديث الشريف.
وانتقل كتاب الله إلى وصف الحالة النفسية التي يكون عليها الإنسان عندما يصاب بمرض أو نكبة أو كربة، وما يبدو عليه من القلق والاضطراب، والضعف والاستكانة، والالتجاء إلى الله التجاء العاجز المضطر، حتى إذا ما استرجع صحته، وزالت عنه آثار النكبة، وانكشفت عن ساحته الكربة، نسي ربه نسيانا تاما،


الصفحة التالية
Icon