هم عليه من رشد أو سفه، وحتى يبرز في أعمالهم ما هم عليه من شكر لله على نعمة الاستخلاف، أو كفر بها وتجن عليها، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾.
وبين كتاب الله عاقبة الانحراف والخيانة إذا لم يحسن الإنسان التصرف فيما استخلف فيه وخان الأمانة، وذلك في عدة آيات من هذا الربع، منبها إلى أن سنة الله في المستخلفين الظالمين جرت على أن يستدرجهم ويمهلهم، ويفتح أبواب نعمه على مصاريعها في وجوههم، حتى إذا ما ظنوا أن قوتهم لا تعادلها قوة، وأن قدرتهم لا تعجزها قدرة، وأنهم ليسوا بمؤاخذين ولا معذبين، فوجئوا بعذاب الله فأخذوا على غرة، في الوقت الذي لم يكونوا ينتظرون العذاب بالمرة، فقال تعالى: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا﴾ أي أنه سبحانه يقابل مكرهم بما يبطل مفعوله، ويمحو أثره ﴿إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon