كتاب الله للذين أحسنوا بأن لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة، تعهد لهم في آيات أخرى بنضارة الوجوه وفرح القلوب، فقال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣]، وقال تعالى: ﴿فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا﴾ [الإنسان: ١١].
وأشار كتاب الله إلى ما سيكون يوم القيامة من مناقشة وحوار بين المشركين وشركائهم يوم القيامة، حيث يتبرأ أولئك الشركاء من الذين أشركوهم بالله فعبدوهم، وينفضون أيديهم منهم، وذلك قوله تعالى حكاية عنهم: ﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ * فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ﴾ تنبيه لجميع عباده إلى أنهم مهما فروا وهربوا، وتحايلوا وتلاعبوا، فلا ملجأ لهم في نهاية المطاف إلا إليه سبحانه، فهو الذي يحيي ويميت، وهو الذي يحاسب ويعاقب، والخلق كلهم حيثما كانوا في قبضته، ورهن مشيئته وقدرته، ولذلك يجب عليهم أن يعبدوه ويطيعوه، وأن يحسبوا لسخطه ورضاه كل الحساب ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ إشارة إلى ما عليه أكثر الخلق من الكسل والتهاون في البحث عن الحق، إذ تمر بهم مر السحاب الأعوام والسنون، وهم غارقون في أوحال الأوهام والظنون، دون أن


الصفحة التالية
Icon