المريب على إذن خاص، ورضيت في سبيل إرضاء شهواتها بالتنازل عن خصال الرجال الأقوياء، وبالبقاء قعيدة البيت بجانب العجزة من الأطفال والعواجز من النساء، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ﴾ أي إنما الحرج والإثم على الذين لم يبادروا للخروج معك إلى غزوة تبوك، لغزو الروم، كما بادر إلى ذلك المخلصون، أغنياء وغير أغنياء، بل توقفوا وتثاقلوا وجعلوا يطلبون منك الإذن لهم في التخلف، بالرغم من أن عندهم جميع الوسائل التي تمكنهم من المساهمة في الجهاد مساهمة فعالة، لكنهم لم يجاهدوا بأنفسهم، ولم يساعدوا غيرهم من الفقراء على تكاليف الجهاد بأموالهم: ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ أي رضوا بأن يكونوا مع العواجز، بعيدين عن جبهة القتال ومتاعبه، آمنين على أنفسهم من مفاجآت الجهاد. ولا ينبغي أن يفهم من هذا السياق أن النساء المسلمات جميعا كن محرومات من شرف الجهاد والوقوف بجانب المجاهدين، بل إنهن على العكس من ذلك، فقد كان القادرات منهن على التطوع يتطوعن بالجهاد، وان لم يفرض عليهن، ويشاركن فيه مشاركة فعالة إلى جانب الرجال، وكان نصيبهن من الغنائم يقدم لهن في صورة هدايا وعطايا تعطى لهن تشجيعا على التطوع للجهاد، وتقديرا لتضحياتهن في سبيل إعلاء كلمة الله.
ثم بين كتاب الله السر في موقف هذا النوع من الأغنياء: الأغنياء مادة، والفقراء روحا، فقال تعالى: ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. ففي هذه الآية تنبيه إلى أن قلوبهم قد