﴿وَمَا كَانُوا﴾ للجحد، والكينونة إذ اقتضت جوابًا فهي بمعنى الصيرورة كما هي ها هنا. إذ الاهتداء خبرٌ لها. والاهتداء يقرُبُ من البَصَارة والإصابة.
﴿مَثَلُهُمْ﴾ شبّه المنافقين. والمثَل (١): صفةٌ يوجد لها المثلُ على وجه المقاربة والموافقة (٢) دون المُشاكلة والمُجانسة، ثم تؤولُ هي ومثلها جميعًا إلى مدحٍ أو ذم. والكلام الذي يُسمى مثلًا هو: قولٌ سائرٌ يتلفظُ به عند تشبه حال الثاني بالأول. وضَرْبُ المثل: وضعُهُ (٣).
﴿اسْتَوْقَدَ﴾ (٤) أي: أوقد (٥) وهي ضد أطفأ. والنارُ هي: الجسمُ اللطيفُ المحرق، والنورُ عَرَضٌ فيه.
﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ﴾ و"لما" ظرفُ زمانٍ ماضٍ لا يتم إلا

(١) قال المُبَرِّد: المَئَلُ: قول سائرٌ يُشَبَّهُ به حالُ الثاني بالأول، والأصل فيه التشبيه، وقال ابن السكيت: المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له، ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ، شبهوه بالمثال الذي يُعْمَلُ عليه غيره. ويقال مَثَل ومِثْل ومثيل وكلها تجمع على أمثال. قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)﴾ [العنكبوت: ٤٣] [مجمع الأمثال للميداني ١/ ٧].
(٢) (الموافقة) ليست في (أ).
(٣) (وضعه) ليست في (أ).
(٤) كتب في هامش النسخة (ي): (الذي) هنا مفرد في اللفظ والمعنى على الجمع بدليل قوله تعالى: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ وما بعده [و] وقوع المفرد موقع الجمع وجهان: هو الجنس مثل (مَنْ) و (ما) فيعود الضمير تارة بلفظ المفرد وتارة بلفظ الجمع.
والثاني: أنه أراد [الذين] فحذفت النون لطول [الكلام بالصلة، ومثله: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ ثم قال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾] ا. هـ انظر الإملاء للعكبري (١ /؟؟)
(٥) "استوقد" بمعنى أوقد وهو رأي الأخفش، ومنه قول الشاعر [ينسب إلى كعب بن سعد الغنوي]:
وداعٍ دَعَا يا مَنْ يجيب إلى النَّدَى فلم يستجبه عند ذاكَ مُجِيبُ
يريد: فلم يُجِبْهُ.
[تفسير الطبري ١/ ٢٣٥ - الأصمعيات ص ٩٦ - طبقات فحول الشعراء ١/ ٢١٣ - أمالي القالي ٢/ ١٥١ - معاني القرآن للزجاج ١/ ٤٨].


الصفحة التالية
Icon