﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي [رَيْبٍ﴾ كما قال] (١) ابن عباس: نزلت في اليهود (٢)، وهي تحتمل العموم أيضًا (٣). وفي ترتيب إثبات النُّبوة على إثبات التوحيد دليلٌ على أَنَّ الرسولَ يُعْرفُ مِن قِبَلِ الله تعالى، وأَنَّ وجوب (٤) معرفة الله مقدم على وجوب معرفة الرسول. "إنْ" حرف شرط، والشرط قوله ﴿كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾. ثم هذا الشرط مُعَلّقٌ بشرط آخر في آخِرِ السورة (٥) وهو قوله ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ وجوإبها قوله: ﴿فَأْتُوا﴾، وهذا كمن قال لعبده: إنْ دخلت الدار فأنت حر إن قعدت فيها. ﴿مِمَّا نَزَّلْنَا﴾ يعني القرآن، والتنزيل والإنزال والإرسال: من علو إلى سَفَل (٦) وفي قوله ﴿نَزَّلْنَا﴾ ضميرٌ

= قبله فالله وصفاته وأفعاله كذلك. ثم إن الصفات قسمان: القسم الأول: صفات ذاتية كالحياة والعلم والقدرة والوجه واليدين ونحوها فهذه صفات قديمة أزلية لازمة. القسم الثاني: صفات فعلية: وهي التي تتعلق بمشيئة الله وحكمته فإن اقتضت حكمته فِعْلَهَا فَعَلَهَا وإن لا فلا، وهذا مثل الخلق والرزق والإحياء والإماتة والكلام وغير ذلك، فهذا يكون قديم النوع أو الجنس. فلا يقال إن نزوله إلى السماء الدنيا، نزول قديم أزلي إذ إن هذه الصفة منتفية قبل خلق السماء الدنيا وكذلك يقال في الاستواء ولهذا يقال إن صفات الفعل يقال فيها إن نوعها أو جنسها قديم أما بالنسبة إلى كل فعل بذاته فلا، والله أعلم.
[انظر لوامع الأنوار البهية للسفاريني - تعليق الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين المتوفى ١٢٨٢ هجرية ١/ ١١٢].
(١) ما بين [...] مطموس في (ي).
(٢) نقل هذا الآلوسي في روح المعاني (١/ ١٩٤).
(٣) احتمالها للعموم هو المتعين وهو الذي ذهب إليه ابن جرير في تفسيره (١/ ٣٩٥) ولذا يقول ابن جرير رحمه الله: إن الخطاب موجه إلى قوم النبي - ﷺ - من مشركي العرب ومنافقيهم، وكفار أهل الكتاب وضُلَّالهم.
(٤) في جميع النسخ (وجود) ولعله سبق قلم.
(٥) وقيل إن قوله ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ شرط حذف جوابه وقدره بعض المفسرين بـ "فافعلوا ذلك" أي الإتيان، وهذا ما نص عليه السمين الحلبي والبيضاوي، لكن يعكر عليه القاعدة المشهورة من أنه إذا اجتمع شرطان وتوسط الجزاء بينهما يكون الأول قيدًا في الثاني، ويكون الجواب المذكور جوابًا عنه. [الفتوحات الإلهية ١/ ٤٢].
(٦) في (أ) (أسفل) والمثبت أصح.


الصفحة التالية
Icon