والسورةُ: اسم لقطعة من القرآن تشتمل على آيات وَفِقَ عليها بتوقيف من جهة النبي - ﷺ - مأخوذة من تسور البناء (١)، وقيل: من السُّؤْر في الإناء وهو القطعة الباقية منه، وهو بالهمز إلا أن لغَة النبي - ﷺ - تركُ الهمز ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾ استعينوا (٢) بآلهتكم، وإنما سُمُّوا شهداءَ لزعمهم أنهم يشهدون ما قُدّر لهم من الخير والشر فيقدرون على تغييره أو يشهدونهم على احتياجهم إليهم فيتصرونهم، كقوله: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ﴾ (٣) على زعمهم ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في زعمكم أنّ القرآن ليس من عند اللهِ.
﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ شرط (٤)، وجوابه ﴿فَاتَّقُوا﴾ وقوله: ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ عارضٌ دخل بين الشرط والجواب، و"لم": حرف نفي في الماضي جازم. و"لن": نفي المستقبل ناصب، معناه: إن لم تأتوا بمثله ولن تأتوا أبدًا

(١) أي أن اشتقاقها من سور البناء لأنها تحيط بقارئها وتحفظه كسور المدينة. إلا أن سورة القرآن تجمع على سُوَر بفتح الواو، وسور البناء يجمع على سُوْر بسكون الواو فيفرق بينهما في الجمع.
وقيل: إن "سورة" بمعنى الدرجة الرفيعة. ومنه قول النابغة:
ألم تَرَ أَنَّ الله أعطاكَ سورةً ترى كلَّ مَلْكٍ دونَهَا يتذبذبُ
فسورة القرآن ترفع صاحبها.
وقيل: إنها مشتقة من السُّؤْر وهو البقية، ومنه قول الأعشى:
فبانَتْ وقد أَسْأَرَتْ في الفؤا دِ صَدْعًا على نَأْيِها مُسْتَطِيرَا
أي: أَبقت. ويدل على ذلك أن تميمًا وغيرها يهمزون فيقولون: سُؤْرة بالهمزة.
[ديوان النابغة ٧٨ - ديوان الأعشى ٣١٧ - تفسير القرطيي ١/ ١٠٥ - تفسير ابن عطية ١/ ٨٠ - الدر المصون ١/ ٢٠١].
(٢) قوله: ﴿وَادْعُوا﴾ بمعنى استعينوا واستنصروا بآلهتكم معروف في كلام العرب، ومنه قول الراعي النميري:
فَلَمَّا التقتْ فرساننا ورِجَالُهُم دَعَوْا يا لكعْبٍ وَاعْتَزَيْنَا لِعَامِرِ
أي: استعانوا بكعب واستنصروا به.
(٣) سورة النحل: ٢٧.
(٤) "إنْ" الشرطية داخلة على جملة ﴿لَمْ تَفْعَلُوا﴾ و"تفعلوا" مجزوم بـ "لم"، كما تدخل "إن" الشرصية على فعل منفي بـ "لا" نحو"إن لا تفعلوه" فيكون "لم تفعلوا" في محل جزم بـ "إن" وجواب الشرط كيا قال المؤلف هو ﴿فَاتَّقُوا﴾ وتكون ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ جملة معترضة بين الشرط وجزائه [الدر المصون ١/ ٢٠٣].


الصفحة التالية
Icon