الحسنُ (١) وقتادة ومقاتل (٢) وغيرهم: إنّ الله تعالى ضَرَبَ للأوثان المَثَلَ بالذباب، وللكفار المثل بالعنكبوت، فقال المشركون: إنّ رب محمَّد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت، فأنْزَلَ اللهُ الآية (٣). والاسْتحياءُ: امتناعٌ يقتضيه الكرم. وقد ورد وَصْفُهُ تعالى به. قال - عليه السلام - مخبرًا عن الله تعالى: "الشَّيْبُ نُوري وأَنا أستحي أنْ أحرقَ نوري بناري" (٤). وقال ابن عباس: إن الله حيي كريم (٥). والكرم هاهنا لا يقتضي الامتناع عن وصف ما اقتضت الحكمة إيجاده وتدبيره وحفظه. ﴿مَثَلًا مَا بَعُوضَةً﴾ ﴿مَا﴾ أصلية (٦)،

(١) الحسن بن أبي الحسن يسار البصري أبو سعيد، وكانت أم الحسن مولاة لأم المؤمنين أم سلمة المخزومية حيث سبيت وهي حامل به، فولدته بالمدينة، وقيل: إن أم سلمة أرضعته، قال أبو سلمة التبوذكي: حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة. وقال قتادة: كان الحسن أعلم الناس بالحلال والحرام. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن. توفي سنة عشر ومائة.
[تاريخ البخاري (٢/ ٢٨٩)؛ أخبار القضاة (٢/ ٣)؛ تاريخ الإِسلام (٤/ ٩٨)؛ البداية والنهاية (٩/ ٢٦٦)].
(٢) هو مقاتل بن سليمان الأزدي البلخي أبو الحسن، نزيل مرو، صاحب التفسير، قال ابن أبي حاتم: صاحب التفسير والمناكير، أجمعوا على تركه، قال أبو حنيفة: أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطل، ومقاتل مشبه. وقال السعدي: كان دجالًا جسورًا، مات سنة خمسين ومائة، وقيل بعد ذلك.
[تهذيب الأسماء (٢/ ٤١٣)؛ سير أعلام النبلاء (٧/ ٢٠١)؛ الضعفاء والمتروكين لابن
الجوزي (٣/ ١٣٦)؛ ميزان الاعتدال (٦/ ٥٠٥)؛ تهذيب الأسماء (٢/ ٤١٣)].
(٣) أما عن الحسن فقد ذكره ابن أبي حاتم كما في الدر (١/ ٤١) ولم أجده في المطبوع من سورة البقرة، وأما عن قتادة فرواه الطبري (١/ ٣٩٩)، وابن أبي حاتم (٢٧٣)، وعبد الرزاق (١/ ٦٤).
(٤) الحديث رواه ابن عدي في الكامل (٣/ ١١٠)، والديلمي في مسند الفردوس (٨٠٣٩)، والحديث موضوع.
(٥) هذا الأثر عن ابن عباس ولفظه: "إن الله حيي كريم يكني عما يشاء" رواه الطبري (٢/ ٢٥٦). وذكره ابن حجر عن مسدد في تغليق التعليق وصحح سنده في الفتح (٨/ ١٢١).
(٦) وقيل: إن "ما" زائدة أو صفة للنكرة قبلها لتزداد النكرة شياعًا ومنه قول امرئ القيس:
وحديثُ الرَّكْبِ يومَ هنا وحديثٌ ما على قِصَرِهْ
وقال أبو البقاء العكبري (الإملاء ١/ ٢٦): إن "ما" نكرة موصوفة ولم يجعل "بعوضة" =


الصفحة التالية
Icon