المألُكة، أي: الرسالة (١).
وقوله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ دليلٌ على أن ثبوت صفاتِ الفعل قبل المفاعيل.
﴿خَلِيفَةً﴾ آدم وذريته. والهاء للمبالغة والتأكيد. وهذا اسمٌ لِمنْ يخلُفُ الغير ويقومُ مقامه فيما أُسندَ إليه. وآدمُ خَلَفَ الملائكة في اتخاذ الأرض مسكنًا (٢).
﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا﴾ أتخلفُ (٣) فيها. والألف: ألف الإيجاب (٤)، كما

= الساكن قبلها، فإذا جمعوا واحدهم رَدُّوه في الجمع إلى الأصل وهمزوا، فقالوا: ملائكة. وهذا هو الكثير في كلام العرب وربما ألحقوا الهمزة وهو قليل في كلام العرب ومنه قول الشاعر [قيل هو مَنسوب لعلقمة بن عبدة وقيل لمتمم بن نويرة وقيل غير ذلك،:
فَلَسْتُ بجنِّيِّ ولكنْ ملأَكًا تَحَدَّر من جو السماءِ يصوبُ
[تفسير الطبري ١/ ٤٧٢ - اللسان (أل ك- ل أك) - شرح أشعار الهذليين ١/ ٢٢٢].
(١) مَألُكَة بمعنى الرسالة معروف في كلام العرب ومنه قول لبيد:
وغلامٌ أَرْسَلَتْهُ أُمُّهُ بِألَوكٍ فَبَذَلْنَا ما سَأَلْ
وقول عدي بن زيد:
أَبْلِغِ النُّعْمَانَ عَني مَألُكًا أَنَّهُ قد طال حَبْسِي وانتظاري
[ديوان لبيد ص ١٧٨ - ديوان عدي بن زيد ص ٩٣ - إملاء العكبري ١/ ٢٧ - الخصائص ٣/ ٢٧٥].
(٢) اختلف المفسرون واللغويون في سبب تسمية خليفة على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الله لما خلق الأرض أسكنها الجن ولما خلق السماء أسكنها الملائكة ثم لما خلق آدم أزعج الجن إلى أطراف الأرض فهو خليفة الجن في الأرض [ذكر هذا القول ابن كثير في تفسيره ١/ ١٠١ - والبغوي في تفسيره ١/ ٤٥ - والرازي ١/ ١٦٥ وغيرهم]. القول الثاني: أنه سمي خليفة لأنه يخلفه غيره فيكون مكانه [ذكر هذا القول البغوي في تفسيره ١/ ٤٥ - والشوكاني ١/ ٦٢ وغيرهما]. القول الثالث: أنه سمي خليفة لأنه خليفة الله في الأرض لإقامة أحكامه وحدوده [ذكر هذا القول البغوي في تفسيره ١/ ٤٥ والقرطبي ١/ ١٤٠ والخازن ١/ ٤٥ وغيرهم]. والقول الثالث هو الذي رجحه البغوي وتبعه الخازن والرازي والسمعاني وهو المروي عن ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهم -. وهو المتعين إن شاء الله.
(٣) في (ب): (أتخلق) بالقاف، وسواء كان بالقاف أو الفاء فالمعنى صحيح لكن معنى الفاء - أتحلف - أقرب لأن الكلام المتقدم ينصب على ذكر الخليفة.
(٤) اختلف المفسرون والنحويون في توجيه الهمزة في هذه الآية، القول الأول: =


الصفحة التالية
Icon