قال جرير (١):

ألسْتُم خَيرَ مَنْ رَكِبَ المطايا وأندى العالمين بطون راحِ (٢)
واستخبارهم على وجه الاستسلام (٣) والتعرف دون الإنكار، كأنهم قالوا: يا ربّ إنْ كان هذا ظنَّنَا (٤) فعرّفنا وجه الحكمة فيه، وإنما علموا الفساد وسفك الدماء بإخبار الله تعالى في رواية السُّدي (٥) وبالقياس على الحال في رواية الضحاك. [وقيل أنَّ إبليس كان منهم في الخلقة ومِنَ الملائكة] (٦) في الرتبة، فسلّطه اللهُ بمَنْ معه من الملائكة عليهم حتى أفسدوا وسفكوا الدماء، فأجلوهم (٧) إلى الجَزائر والخراب في الأرض. ﴿وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ يَصُبُّ.
﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ نبرئك من السوء ونصلِّي لك. وقيل: نعبدك بالتحميد أو نسبحك مع حمدك. وقيل: نسبحك بتوفيقِك المستوجب حمدك. ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ نطهِّر أنفسنا أو الأرض لك (٨). أو لابتغاء
= أنها للاستفهام على بابها. القول الثاني: وهو قول الزمخشري أنها للتعجب. القول الثالث: أنها للتقرير والإيجاب وهو قول المؤلف مستشهدًا ببيت جرير في ذلك. القول الرابع: أنها للاسترشاد وهو قول أبي البقاء في الإملاء (١/ ٢٨) واستحسنه البركوي في تفسيره (١/ ٣٩٣).
(١) انظر ديوان جرير (ص: ٧٤).
(٢) في (أ): (روح) وهو خطأ.
(٣) في (ب): (الاستفهام) وهو خطأ.
(٤) في (ن): (طيننا).
(٥) الطبري (١/ ٤٥٩).
(٦) ما بين [...] ليست في (أ).
(٧) في (أ): (فأحلوهما).
(٨) التقديس بمعنى التطهير معروف في كلام العرب ومنه قولهم: أرض مقدسة - أي مطهرة - ومنه ما جاء فيما يقال في الركوع: سبوح قدوس - أي تنزيهًا لله وطهارة له. وقيل: التقديس هنا المراد به الصلاة، وتقديس الملائكة لربها صلاتها له وهو مروي عن قتادة ولا منافاة بين المعنيين بين من قال إن التقديس التطهير أو الصلاة لأن الصلاة تطهير من أدران الكفر. [تفسير الطبري ١/ ٥٠٦ - ابن كثير ١/ ١٠٣ - ابن أبي حاتم ١/ ٧٩].


الصفحة التالية
Icon