والمبهمة والمضمرة وأسماء الإشارة. ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ﴾ يعني أصحاب الأسماء، ولم يقل: عرضها لتغليب العقلاء كالعالمين. وفي الآية دليلٌ أَنّ أسماءَ الحقائق لا تنتفي عن مسمياتها بحال، إذ لو انتفى لما قُدِرَ على تعيين المسميات في الأشخاص. ودليلٌ على أَنَّ المعدوم لا ينطلق عليه اسم الشىِء حقيقة لاستحالة عَرض المعدوم. ودليلٌ (١) على فضل النطق والعلم.
﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي﴾ أخبروني ﴿صَادِقِينَ﴾ في مقالتكم، والصدق هو: الخبرُ الحقُّ.
﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ قالت الملائكة عند التحدي: أنزهك! و"سبحان": مصدر حقيقي عند أهل الكوفة (٢)، كالغفران والحمران (٣) ولذلك انتصب، وعند البصريين كالمصدر وهو في محل خفض.
﴿لَا عِلْمَ لَنَا﴾ بأسماء هؤلاء ﴿إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ استثناء منقطعٌ (٤)، معناه

(١) (ودليلٌ) ليست في (أ).
(٢) ﴿سُبْحَانَكَ﴾ هو منصوب على المصدر عند الخليل وسيبويه أي أنه مصدر كغفران منصوبًا بإضمار فعله. وقال الكسائي: هو منصوب لأنه لم يوصف ومنصوب على أنه نداء مضاف وهو من الأسماء اللازمة للإضافة وقد يفرد.
وهناك فائدة معنوية في ﴿سُبْحَانَكَ﴾ وتصدير الكلام بها اعتذار عن الاستفسار والجهل بحقيقة الحال، ولذلك جُعِلَ مفتاح التوبة ومنه قول نبي الله موسى - عليه السلام -: ﴿سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٤٣] وقال نبي الله يونس - عليه السلام -: ﴿سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧].
[الكتاب ١/ ٤٣٨ - إعراب القرآن للنحاس ١/ ١٦٠ - تفسير القرطبي ١/ ٢٨٧ - الفتوحات الإلهية- الجمل ١/ ٥٨].
(٣) لعلها (الحرمان).
(٤) ذهب أبو حيان - كما في تفسيره البحر المحيط ١/ ١٤٨ - إلى أن من قال بالاستثناء المنقطع في قوله ﴿إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ فيه نوع من التكلف وهو أن يكون الاستثناء المنقطع بمعنى لكن وتكون ﴿مَا﴾ شرطية و ﴿عَلَّمْتَنَا﴾ ناصب لها وهو في محل جزم بها والجواب محذوف والتقدير لكن ما علمتنا علمناه.
وهناك أجوبة أخرى في هذا الاستثناء الذي ينصب على الأداة "ما" هل هي موصولة أو مصدرية أو هي في محل رفع على البدل من اسم لا على الموضع على خلاف في ذلك وكل له وجهه.


الصفحة التالية
Icon