على العصيان والطغيان والإنكار على ربه. وقيل: صار من الكافرين. وقيل: إنه لم يزل في رتبة الكافرين لمقت الله عينه.
﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ﴾ نداءٌ مفرد مبنيٌّ على الضم لمشابهته قبلُ وبعد ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ أي: انزلها واتخذها مَسْكنًا وأقمْ بها، كقوله: ﴿وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ﴾ (١)، ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ (٢) وحقيقة السُّكون: ما يضاد الحركة (٣). و ﴿أَنْتَ﴾ للتأكيد، كقوله: اذهب أنتَ وأخوك، وقوله: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾ (٤) وإنما اقتضى هذا التوكيد عطف الظاهرِ المرفوع على الضمير المرفوع في الفعل، إذ ليس يجوز ذلك عند البصريين إلَّا بالتأكيد بضمير مرفوع منفصل، أو بنوع فاصل، كقوله: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾ (٥) ولم يقل: وآباؤنا.
﴿وَزَوْجُكَ﴾ حواء، سُميت حواء (٦) لأنها خُلِقَتْ من شيء حي (٧). وسُمّيَت جنّةُ الثواب جنَّةً لأنها أُخفيتْ أو لأن الغالب فيها الجنان والأشجار، فدخلت الأقضية في الاسم تبعًا ﴿رَغَدًا﴾ واسعًا من النِّعم التي [لا تقدير] (٨) فيه ﴿حَيْثُ﴾ اسمُ ظرف يُطلق على الزمان والمكان (٩)، وهاهنا للمكان، تقديره من حيثُ شئتما الأكلَ منه. وبُنيَ على الضم لتضمُّنِهِ معنى الجمع ولإبهامه وتعريته عن الاستفهام كـ: نحن بخلاف: أَيْنَ وَكَيْفَ. {وَلَا

(١) سورة الإسراء: ١٠٤، والآية وردت في جميع النسخ بشكل خاطئ.
(٢) سورة الأعراف: ١٦١.
(٣) وسكن بمعنى أقام معروف في كلام العرب، ومنه قول كثير عزة:
وإن كان لا سعدى أَطَالتْ سُكُونَهُ ولا أَهْلُ سُعْدَى آخِرَ الدَّهْرِ نَازِلُهْ
[اللسان (سكن)].
(٤) سورة المؤمنون: ٢٨.
(٥) سورة الأنعام: ١٤٨.
(٦) (حواء) من (أ).
(٧) وقيل: سميت حواء لأن في شفتيها كانت حُوَّة: أي حُمْرَة [اللسان (حوا): ١٤/ ٢٠٧].
(٨) ما بين [...] ليس في (ب).
(٩) وهي للمكان اتفاقًا كما قال ابن هشام (مغني اللبيب ١/ ١٥١) وقال الأخفش: وقد ترد للزمان.


الصفحة التالية
Icon