هاهنا: التَّرْكُ (١)، قال الله تعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ (٢). والنفسُ: الذات، والتلاوةُ: القراءة، وسُمّي بذلك لأن القارئ يتلو الحروف المنتظمة في الكلام، أي: يَتْبعُهَا. والعقلُ، نوعُ فهم يقع به التمييز والاستدلالُ بالمشاهدة على ما لم يُشَاهَدُ، ومواضعُهُ: القلب ونظامُهُ بالدماغ، وبه تعلق الأمر والنهي والثواب والعقاب إذا انضمت إليه القدرةُ.
﴿وَاسْتَعِينُوا﴾ واسأَلُوا الله التوفيقَ والإعانة على أداء الفرائض ﴿بِالصَّبْرِ﴾ على كفِّ المعاصي بأداء الفرائض وكثرة الصلوات على تمحيص الذنوب ﴿وَإِنَّهَا﴾ يعني الاستعانة وقيل: الصلاة (٣) (٤).
﴿لَكَبِيرَةٌ﴾ لثقيلةٌ، كقوله: ﴿إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي﴾ (٥). وقال: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ (٦) ﴿إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ المتواضعين. الاستعانةُ: طلبُ العون ولا بدّ من مُسْتَعين ومُسْتعانٍ به ومُسْتَعان عليه. والصبر: الحبسُ عن المكاره أو عن الشهوات.
والكنايةُ قد يرجع إلى المذكورَيْن حقيقةً، كقوله: ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾ (٧) ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا﴾ (٨)، وقد يرجع إلى

(١) النسيان بمعنى الترك منه أيضًا قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [الأنعام: ٤٤] وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧].
(٢) سورة التوبة: ٦٧.
(٣) يرى شيخنا محمَّد بن صالح العثيمين - رحمه الله - كما في تفسيره ١/ ٢٥٤ - أن الضمير في قوله "وإنها" يعود إلى الصلاة لأن القاعدة المعروفة عند النحويين أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور كما أن هناك وجهًا آخر وهو أن الصلاة إيجادٌ لشيء لم يكن موجودًا؛ لأنها عمل، والصبر إمساك، والإيجاد أفضل من الإمساك، ولهذا كان الإِسلام كله إيجادًا فاستحقت الصلاة أن يكون الضمير عائدًا إليها. اهـ.
(٤) في (ب): (الصلوات).
(٥) سورة يونس: ٧١.
(٦) سورة الشورى: ١٣.
(٧) سورة النساء: ١٣٥.
(٨) سورة النساء: ١.


الصفحة التالية
Icon