إلى التعريض (١)، وعن التعريض إلى التصريح. وتركُ لزوم الفن الواحد من
هذه الفنون، والله تعالى أنزل القرآن على نظم هو غاية الفصاحة عندهم
على ما تعارفوه واعتادوه بلسان عربيّ مبين.
ونظائرُ التكرار قوله في الرحمن: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)﴾ (٢). وقوله في القمر: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)﴾ (٣) وقوله في المرسلات: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)﴾ (٤)، وقوله: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)﴾ (٥). وقوله: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)﴾ (٦). وقوله: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾ (٧) (٨). وقوله: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)﴾ (٩).
﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ بالكتاب والرسولِ على عالمي زمانكم. وقيل: فضلتكم بإنزال المنّ والسَّلوى وتتابُع الأنبياء وفرق البحر والمُلكِ العظيم. وقيل: تفضيلهم على سائر الحيوانات، كقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ﴾

= إلّا أن هذا البيت غير واضح المعنى، لذا فسرهُ الشاعر في البيت التالي فقال:
لأَلْفَيْتَ مِنْهُم مُعْطِيًا ومُطَاعِنًا وَرَاءكَ شَذْرًا بالوشيجِ المُقَوَّم
[المعجم المفصل في علوم البلاغة ص ٣٦٤].
(١) التعريض: هو أن ينسب الفعل إلى واحد والمراد غيره ممن وقع منه الشرط فعلًا نحو قوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] والتعريض هو خلاف التصريح. وقول النبي - ﷺ -: "ولا تُضَحُّوا بالعرجاء" فإنه يدخل فيه مقطوع الرجلين، من جهة مفهومه.
[معجم البلاغة العربية ص ٤١٩ - المعجم المفصل في علوم البلاغة ص ٣٨٣].
(٢) سورة الرحمن: ١٣.
(٣) سورة القمر: ١٧.
(٤) سورة المرسلات: ١٥.
(٥) سورة القيامة: ٣٤ - ٣٥.
(٦) سورة الشرح: ٥ - ٦.
(٧) ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾ ليست في (ن).
(٨) سورة التكاثر: ٣ - ٤.
(٩) سورة الكافرون: ٢.


الصفحة التالية
Icon