ومعناه: مَصُونةٌ عن الآفات وهي (١) العيوب والتسخير ﴿لَا شِيَةَ﴾ لامعة (٢)، وعن سعيد بن جبير (٣) والحسن: كانت صفراء الظِّلفِ والقرن (٤). و ﴿الْآنَ﴾ اسم للوقت الموجود أعني الحال (٥)، وهو منتصبٌ على الظرف، والعامل فيه جِئْتَ، والمجيءُ: الإتيانُ بالحَقِّ أي: ما لا يندفع بالدفع ولا يلتبس، وهاهنا اختصار تقديره: فوجدوها واشتروها فذبحوها.
جاء في التفسير أنهم وجدوها عند غلام (٦)، قال ابن عباس (٧): كان أبوه استودعَ الله تعالى هذه البقرة وهي عجل فَشَبَّتْ في الغيضة كالوحش، فلما كَبُرَ الغلامُ مَكَّنَتْهُ من نفسها، فأتى بها أُمَّهُ فلما ساوموا بها اليتيم قالت

(١) في "أ": (وعن).
(٢) قال الزجاج في معنى قوله تعالى: ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ أي: ليس فيها لون يفارق لونها. وردَّ الطبري والرازي هذا القول وقالا: إن اللفظ يقتضي سلامتها من العيوب، وهذا ما عليه عامة المفسِّرين، ولعلَّ قول المؤلف "لامعة" قريب من قول الزجاج الذي أكَّد على صفاء لونها في معنى "لا شية".
[الطبري (٢/ ٢١٤) - الرازي (٣/ ١٢١) - تفسير السمعاني (١/ ٥١٤) - معاني القرآن للزجاج (١/ ١٢٤)].
(٣) هو سعيد بن جبير بن هشام، الإمام الحافظ المقرئ المفسِّر الشهيد، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الأسدي الكوفي، أحد الأعلام، ثقة ثبت، كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء - أي سعيد -، وقال ميمون: لقد مات سعيد بن جبير وما على الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه، قُتل بين يدي الحجاج سنة اثنتين وتسعين ولم يكمل الخمسين، حديثه عند الستة.
[تقريب التهذيب (٢٣٤)؛ تهذيب التهذيب (٤/ ١١)؛ سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٢١)؛ طبقات الحفاظ (١/ ٣٨)؛ تهذيب الأسماء (١/ ٢١٠)].
(٤) الطبري (٢/ ١٩٩).
(٥) "الآن" ظرف زمان يقتضي الحال ويُخَلِّصُ المضارع له عند جمهور النحويين، وقال بعضهم: هذا هو الغالب وقد جاء لغير الحال كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ﴾ [الجن: ٩] وقوله تعالى: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ [البقرة: ١٨٧] فلو كان يقتضي الحال لما جاء مع فعل الشرط والأمر اللذين هما نص في الاستقبال.
[الدر المصون (١/ ٤٣٣) - البحر (١/ ٢٥٧)].
(٦) الطبري (٢/ ١٨٥ - ١٨٧)، وابن كثير (١/ ١١٣).
(٧) الطبري (٢/ ١١٠) وابن أبي حاتم (١/ ١٤٣).


الصفحة التالية
Icon