خاتم النبيِّين عن الكلبي (١) ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ﴾ ليُخَاصِموكم، المُحَاجَّة هي (٢): المخاصمة [بالحُجة، والحُجَّة معنى تثبت به الدعوى ويقام مقامَ البيِّنة، والحَجُّ هو الغَلَبَةُ بالحُجَّة] (٣). والهاء في ﴿بِهِ﴾ كنايةٌ عن الحديث (٤). ومحاجةُ المؤمنين إياهم عند ربهم: مخاصمتهم إياهم على قضية حكم ربهم في الدنيا للدعوة وفي الآخرة للشهادة عليهم، كما تقول: خاصمه عند القاضي. ﴿عِنْدَ﴾ بمعنى: في، وقيل تقديره: عند ذكر ربهم (٥).
﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ﴾ ألف الاستفهام للتقريع واللوم. ﴿مَا يُسِرُّونَ﴾ يكتمون، والمراد به: تلاومهم، وَمَا يُعْلِنُون إقرارهم. وفي الآية دلالةٌ أنَّ الحجة لازمة [إياهم بعلمهم كما أنها لازمة بقولهم] (٦).
﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ نزلت في المقلدين من أهل الكتاب. وأُميون: رفع على الابتداء عند البصريين، وعند الكوفيين على أنه خبر بحرف خافض وليس بحرف. والأُمّي: الذي لا يعرف الكتابة وهو منسوبٌ إلى الأُمّ، والأُمّ هو: الأصل، قال الله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (٧)، وإنَّما نُسِبَ
(٢) (هي) ليست من "ب".
(٣) ما بين [...] ليست من "ن".
(٤) الضمير في "به" يعود على "ما" في قوله: ﴿بِمَا فَتَحَ اللَّهُ﴾.
(٥) في "عند" أربعة أوجه إعرابية ذكر المؤلف منها وجهين:
الوجه الأول: أنها بمعنى "في" والتقدير: ليحاجوكم في ربكم، أي: فيكونون أحقَّ به منكم.
الوجه الثاني: على تقدير مضاف محذوف، والتقدير: عند ذكر ربكم.
الوجه الثالث: أنها ظرف معمول لقوله: ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ﴾ بمعنى ليحاجوكم يوم القيامة، فَكَنَى عنه بقوله: ﴿عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾.
الوجه الرابع: أنه معمول لقوله: ﴿بِمَا فَتَحَ اللَّهُ﴾ أي بما فتح الله من ربكم ليحاجوكم، وهو نعته - عليه السلام - وأخذ ميثاقهم بتصديقه.
[الدر المصون (١/ ٤٤٤)].
(٦) ما بين [...] ليست في "أ".
(٧) سورة الرعد: ٣٩.