إلى الأصل لأنه باقٍ على أصل الفطرة (١). ﴿لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ﴾ أي، معناه: وكتابته. ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ جمع أمنيَّة وهي القراءة، قال الله تعالى: ﴿إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ (٢). ونصب الأماني لأنه مستثنى عن منصوب كقولك: ما رأيتُ زيدًا إلا وجهَهُ (٣) ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ أي: وما هم إلَّا ظانين (٤)، قال الله تعالى: ﴿إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (٢٣)﴾ (٥).
﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ نزلت في أحبار اليهود، وفيها دلالة أنهم أسوأ حالًا وأَشدُّ ذمًا من الأُميين. والويل: الحزنُ والبؤس ومشقة العذاب (٦). قال الفراء (٧): الأصل فيه: وَيْ ثم وُصِلَتْ به اللام
(١) المراد بهم الأميون من اليهود. والأُمِّي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، ومنه قوله - ﷺ -: "إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّة لا نكتب ولا نحسب" [أخرجه البخاري (١٩١٣) ومسلم (١٠٨٠/ ١٥)]. ولابن عباس - رضي الله عنهما - تفسير مغاير لهذا فقال في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ الأميون: قوم لم يصدقوا رسولًا أرسله الله ولا كتابًا أنزله الله فكتبوا كتابًا بأيديهم، ثم قالوا لقوم سفلة جهال: "هذا من عند الله". [أخرجه الطبري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢/ ١٥٤) وذكره ابن كثير في تفسيره (١/ ١٦٧) وقال: في صحة هذا عن ابن عباس بهذا الإسناد نظر].
(٢) سورة الحج: ٥٢.
(٣) ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ هذا استثناء منقطع، لأن الأمانِي ليست من جنس الكتاب ولا مندرجة تحت مدلوله، وهو هو المنقطع، ولكن شرطه أن يُتَوَهَّم دخوله بوجهٍ ما كقوله تعالى: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧].
ومنه قول النابغة:
لأن بذكر العلم استحضر الظن.
[الكتاب (١/ ٣٦٥) - القرطبي (٢/ ٥) - الدر المصون (١/ ٤٤٦) - ديوان النابغة ص ٥٥].
(٤) "إنْ" نافية بمعنى ما، وإذا كانت نافية فالمشهور أنها لا تعمل عمل "ما" الحجازية، وأجاز بعضهم ذلك وهو ما ذهب إليه سيبويه في "الكتاب"، وأنشدوا قول الشاعر:
[الدر المصون (١/ ٤٤٨) - الكتاب (٢/ ٣٠٦) - المقرب (١/ ١٠٥)].
(٥) سورة فاطر: ٢٣.
(٦) وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال في قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ﴾ يقول: العذاب عليهم [أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢/ ١٦٣)].
(٧) لم أجده عند الفراء ولكن ذكره القرطبي (٢/ ٨) والسمين الحلبى (١/ ٤٥٠).
(٢) سورة الحج: ٥٢.
(٣) ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ هذا استثناء منقطع، لأن الأمانِي ليست من جنس الكتاب ولا مندرجة تحت مدلوله، وهو هو المنقطع، ولكن شرطه أن يُتَوَهَّم دخوله بوجهٍ ما كقوله تعالى: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧].
ومنه قول النابغة:
حَلَفْتُ يمينًا غيرَ ذي مَثْنَوِيَّةٍ | ولا عِلْمَ إلا حُسْنُ ظنٍّ بصاحبِ |
[الكتاب (١/ ٣٦٥) - القرطبي (٢/ ٥) - الدر المصون (١/ ٤٤٦) - ديوان النابغة ص ٥٥].
(٤) "إنْ" نافية بمعنى ما، وإذا كانت نافية فالمشهور أنها لا تعمل عمل "ما" الحجازية، وأجاز بعضهم ذلك وهو ما ذهب إليه سيبويه في "الكتاب"، وأنشدوا قول الشاعر:
إنْ هو مستوليًا على أحدٍ | إلا على أَضْعَفِ المجانينِ |
(٥) سورة فاطر: ٢٣.
(٦) وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال في قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ﴾ يقول: العذاب عليهم [أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢/ ١٦٣)].
(٧) لم أجده عند الفراء ولكن ذكره القرطبي (٢/ ٨) والسمين الحلبى (١/ ٤٥٠).