نحو (١): السُّقيا، والفُتيا أمثلة (٢) معدودة على الأصل لتدلَّ عليه نحو القُصوى. ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يوم البعث وهو فعل كالعبارة والكناية. ﴿يُرَدُّونَ﴾ يرجعون. وإنَّما ذكر الردَّ لأنهم ينصرفون من الموقف إلى العذاب، أو لأنَّ كتاب الشَّقَاءِ سابقٌ عليهم فكأنهم صدروا عنه فرُدُّوا (٣) إليه ﴿إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾ لأنه أشدُّ من عذاب الدنيا والقبر.
﴿فَلَا يُخَفَّفُ﴾ لا يُرَقَّى، والتخفيف: الترقية، قال الله تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ (٤)، والخِفَّةُ ضدُّ الثقل. ﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ أتبعناه وأردفناه (٥)، يقال: قفَّيْتُ الشيء - بالتشديد - وقَفَوْتُهُ - بالتخفيف - بمعنى وهو الإتباع (٦)، والتقفيةُ بالشيء: إردافه وإتباعه (٧)، ولهذا سميت القافيةُ قافيةً. و (الرُّسُل): جمع رسول (٨)، كالزبور والزُّبُر. والإرسال: إنفاذ، وقد يكون إطلاقًا.
﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾ عيسى هو الذي أُنزلَ عليه الإنجيلُ، ومريم هي ابنة عمران المحررة الحبيسة لعبادة الله التي أرسل اللهُ إليها روحه
(٢) في "ن" "ب": (القيت المثلة) والمثبت أصوب.
(٣) في "ن": (فَرَدُّ).
(٤) سورة الأنفال: ٦٦.
(٥) المثبت من "ي" وفي بقية النسخ: (أتبعنا وأردفنا).
(٦) (الإتباع) ليست من "أ".
(٧) التضعيف في "قفَّينا" ليس للتعدية، إذْ لو كان كذلك لتعدَّى إلى اثنين لأنه قبل التضعيف يتعدَّى لواحد نحو: قفوتُ زيدًا. ولكنه ضُمِّنَ معنى "جئنا" كأن قيل: وجئنا من بعده بالرسل. وأما ما ذهب إليه المؤلف في تفسير "قفينا" بـ: اتَّبعناه، فهو أراده أن يكون متعديًا إلى اثنين على حد تفسيره. و"قفينا" أصله: قَفَّوْنا. ولكن لما وقعت الواو رابعةً قُلِبَتْ ياءً واشتقاقه من قَفَوْتُهُ إذا اتَّبَعْتَ قَفَاه. ثم اتسع فيه فأطلق على كل تابع وإن بَعُدَ زمان التابع من زمان المتبوع، ومنه قول أمية:
قالتْ لأُختٍ له قُصِّيه عن جُنُبٍ | وكيفَ تَقْفُو ولا سهلٌ ولا جَبَلُ |
(٨) في "ب": (رسل) وهو خطأ.