و (مِنْ): صلة. وقيل: المراد بالمشركين: مشركو العرب. والشركة اجتماع الحقين في محلٍّ واحدٍ، والإشراك: نصب الشريك. ﴿يَوَدُّ﴾ (١) [يحبُّ أحدهُم أحد] (٢) الجمع اسم عامِ يتناول الكل على سبيل الإفراد، قال اللهُ تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾ (٣). وتقول العرب: يلبثُ أحدُنا أيامًا لا يأكلُ ولا يشربُ، وربما يتميز وصار بمعني الأول في الإثبات، قال الله تعالى: ﴿أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ﴾ (٤) والآخَرُ، الآخِرُ لا محالة. ويُسمى اليوم الذي بعد السبت يوم الأحد، وهو في العربية الأولى اليومُ الأولُ، وهو في الأصل وحد، فقُلبت الواو همزةً كما في إياه.
وجملة قوله: ﴿لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ في محل النصب لوقوعِ الودِّ عليها (٥). والتعمير: إطالة العمر، والعُمر: المدة، والعَمْر: بقاء الحيوان.
أما من قال بالانقطاع فيكون "من الذين أشركوا" خبرًا مقدمًا و"يود أحدهم" صفة لمبتدأ محذوف، والتقدير: ومن الذين أشركوا قوم أو فريق يودّ أحدهم.
[البحر (١/ ٣١٣) - الدر المصون (٢/ ١١) - الكشاف (١/ ٢٩٨) - التحرير والتنوير لابن عاشور (١/ ٦١٧)].
(١) في "ب": ﴿يودُّ أحدهم﴾.
(٢) ما بين [...] ليس في "ب".
(٣) سورة الأحزاب: ٣٢.
(٤) سورة يوسف: ٤١.
(٥) وقيل: إن مفعول "يود" محذوف دلَّ عليه قوله "لو يُعَمَّر". والتقدير: يَوَدُّ أحدهم طولَ العمرِ، لو يُعَمَّرَ ألفَ سنةٍ لسُرَّ بذلك فحذف من كلِّ واحد ما دلَّ عليه الآخر.
وأما ما ذكره المؤلف وهو النصب على أنها مصدرية بمنزلة "أَنْ" الناصبة، فلا يكون لها جواب وينسبك منها وما بعدها بمصدر يكون مفعولًا لـ "يود". والتقدير: يود أحدُهم تعميره ألف سنة، وهذا القول هو قول الكوفيين وأبي علي الفارسي وأبي البقاء العكبري.
[الإملاء (١/ ٥٣) - الكشاف (١/ ٢٩٨) - الدر المصون (٢/ ١٣)].