الضحاك بن مزاحم فقال: كانا عِلْجَين. والحسنُ البصري أخذ بقول عائشةَ مرةً وبقولِ عليٍّ أخرى، فكان يقرأ ﴿المَلِكين﴾ - بكسر اللام - وهو شاذ (١)، وإن صَحَّ فيجوز أن يكون مَلَكَين مَلِكين كما في حديث المسوخ. وقيل: أنهما شيطانان، وذلك لا يدلُّ على نفي كونهما مَلَكين من قبلُ كإبليس لعنه الله، وأحسنُ ما قيل فيهما أنهما ملكان لا يعصيان الله فيما أمرهما ببيان السحر ويحذِّران منه بأمر الله تعالى، وهذا غير مستكف (٢) كقوله تعالى: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)﴾ (٣)، قال لآدم - عليه السلام -: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾ (٤) ولو شاء لصرفهما عنها وحال بينهما وبينها ولم يمكِّنهما من التناول، إلا أنه فعل ذلك للابتلاء، ولأن الثواب إنما يجب بالامتناع بعد القدرة. وسحر البابليين شيئًا فشيئًا وقد عرف الضحاك ذو الحيتين (٥) بذلك في سابق الدهر.

= صاحب رسول الله - ﷺ - وابن صاحبه، وليس أبوه أكبر منه إلا بأحد عشر سنة، وأسلم قبل أبيه. وله مناقب وفضائل جمة، وروى أحاديث كثيرة عن النبي - عليه السلام - بلغت سبعمائة حديث. توفي سنة ثلاث وستين هجرية.
[طبقات ابن سعد (٢/ ٣٧٣)؛ التاريخ الكبير (٥/ ٥)؛ الاستيعاب (٩٥٦)؛ تاريخ الإسلام (٣/ ٣٧)؛ الإصابة (٢/ ٣٥١)].
(١) الجمهور على فتح لام "المَلَكَين" على أنهما من الملائكة، وقرأ ابن عباس وأبو الأسود والحسن بكسر اللام على أنهما رجلان من الناس. قال أبو جعفر بن جرير الطبري: وقد دلَّلْنا على خطأ القراءة بذلك من جهة الاستدلال، فأما من جهة النقل فبإجماع الحجة على خطأ القراءة بها من الصحابة والتابعين وقراء الأمصار، وكفى بذلك شاهدًا على خطئها.
[الطبري (٢/ ٣٥٠) - البحر (١/ ٣٢٩) - القرطبي (٢/ ٥٢)].
(٢) في "أ": (مستنكف).
(٣) سورة الشمس: ٨.
(٤) سورة البقرة: ٣٥.
(٥) هو ملك فارسي اسمه (بيوراسب) وهذا الاسم (الضحاك) ما تطلقه العرب عليه، وكان رجلًا شديد الظلم كثير البطش على كتفيه حيتان، وكان يذبح الناس ويطعمهم للحيتين على كتفه. انظر تاريخ الطبري (١/ ١٢١)، ومعجم البلدان للحموي (١/ ٢٠٧).


الصفحة التالية
Icon