ويروى عن فريدون (١) أيضًا أنه أرسل بغية إلى ملك مصر ليخطبوا منه (٢) بناته، فلما رجعوا استقبلهم فريدون في الطريق متمثلًا ثعبانًا يبتليهم بذلك، ففرَّ سلم وحمل عليه طوش وانذاريوج، فلما رأى ذلك قسم الملك بينهم على قضية (٣) ما رأى. وقال الشاعر (٤):

يعقد سحر البابليين طرفها مرارًا وتسقينا سلافًا من الخمرِ
وقول من زعم أن قوله: [﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ للنفي منتقض (٥) لقوله: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا] (٦) إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ
(١) وقيل في اسمه "أفريدون" وهو ابن أثفيان من فرس أصبهان، وقد كان على الفرس الضحاك المعروف بـ "بيواراسب"، فلما كثر جوره على أهل مملكته من ذبحه في كل يوم رجلين منهم لإطعام أدمغتهما إلى حيتين كانتا على كتفيه جاءت النوبة إلى رجل حداد من أهل أصبهان يُدعى "كابي" فقام فدعا الناس إلى قتل الضحاك وإخراج فريدون جد بني ساسان من مكمنه وإظهار أمره، فأجابه الناس وقتل الضحاك. وملك فريدون، فجعل الفرس من يومئذٍ اللواء في أهل أصبهان تبركًا بذلك النصر، وقيل بأن فريدون هو أول من كتب بالفارسية.
[تاريخ الطبري (١/ ١٢٣)؛ معجم البلدان (١/ ٢٠٧)؛ كشف الظنون (١/ ٢٩)].
(٢) (منه) من "ي" "أ".
(٣) (على قضية) ليست في "أ".
(٤) البيت لذي الرمة وهو في ديوانه (٢٣١).
(٥) وضَعَّفَ هذا القول أيضًا ابن العربي أي أن "ما" ليست نافية، وفي "ما" أربعة أوجه إعرابية:
الأول: ما ذكرنا أنها نافية فتكون الجملة معطوفة على الجملة المنفية قبلها وهي {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾.
الوجه الثاني: أن "ما" موصولة بمعنى الذي محلها النصب عطفًا على السحر، والتقدير: يُعَلمون الناس السحر والمُنَزَّلَ على الملكين.
الوجه الثالث: أنها موصولة أيضًا ومحلّها النصب، لكن عطفًا على ﴿مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾، والتقدير: واتبعوا ما تتلو الشياطين وما أُنزل على الملكين، وعلى هذا فما بينهما اعتراض.
الوجه الرابع: أن محلها الجر عطفًا على ﴿مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾، والتقدير: افتراءً على ملك سليمان وافتراءً على ما أُنْزِلَ على الملكين.
[الإملاء (١/ ٥٥) - إعراب القرآن لمحمود صافي (١/ ٢١٥) - الدر المصون (٢/ ٣١)].
(٦) ما بين [...] ليست في "أ".


الصفحة التالية
Icon