﴿مِنْهُمَا﴾ ثم (١) يحتمل أنهما باقيان بعد ولكن الله تعالى صرف أكثر الناس عنهما لنوع من المصالح. ويحتمل أنه قد انقرض أمرهما، فإن قيل: زهرة أحد الكواكب السبعة التي ركب الله فيها مصالح الدنيا، وقد روي في حديث المسوخ (٢) ما روي وهو محال فلا يجوز قبوله والاستدلال به. قلنا: ومن يسلم بأن مصالح الدنيا متعلقة بالكواكب وأنها سبعة منذ خلقت الدنيا، ثم وإن صحَّ أنها لم تزل سبعة فيحمل أن الكوكب (٣) لم يكن يسمى زهرة، فلما مسخ الله تلك المرأة وأودعها هذا الكوكب تعذيبًا لها سمي الكوكب باسمها.
واعلم أن الجن أمة كالإنس، قال الله تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ﴾ (٤)، وقال: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ (٥)، وقال: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ (٦)، ثم يجوز رؤيتهم أجمعين لأنهم مركبون من روح وجسد لا محالة، غير أن نصيب الروح لهم أكثر، وفي الحديث أن الحمار والكلب يريان الشيطان، ولذلك أمرنا بالاستعاذة عند نهيق الحمار (٧)، وعن عمر أنه صارع جنيًا (٨).
وعن أبي أيوب الأنصاري (٩).................................

(١) (ثم) ليست في "ن" "أ".
(٢) في "أ": (المنسوخ).
(٣) في "أ": (الكواكب).
(٤) سورة النمل: ١٧.
(٥) سورة الجن: ٧.
(٦) سورة الأنعام: ١٢٠.
(٧) أبو داود (٥٠٦١)، وأحمد (٣/ ٣٠٦)، والبخاري في الأدب المفرد (١٢٣٣ - ١٢٣٥)، وابن حبان (١٩٩٦ - موارد)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٣١٢)، والحاكم (٤/ ٢٨٤) والحديث صحيح بطرقه.
(٨) الحديث عند الطبراني في الكبير (٨٢٢٦ - ٨٢٢٤) وخلاصته أنَّ رجلًا صارع جنيًا فصرعه وعاوده وصرعه وسألوا من هذا الرجل فقال: ومن يكون غير عمر؟ وعلَّة هذه الرواية أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود.
(٩) أبو أيوب الأنصاري الخزرجي البدري الذي خَصَّه النبي - ﷺ - بالنزول عليه في بني =


الصفحة التالية
Icon