ومما يختص به من علم الأطباء: علم الخواص، وكذلك الجني يمس فيضر النفس في طاعة وليه من الإنس، كما قال - عليه السلام - في الطاعون: "هو وخز أعدائكم من الجن" (١)، وقال في دم الاستحاضة: "هو ركضة من الشيطان" (٢). فهذه الأنواع الثلاثة مما يجوز أن يبتلى بها كل أحد من الناس الأنبياء وغيرهم، إذ (٣) النبي يفارق غيره في حكم العقل والقلب دون النفس.
والنوع الرابع: تأثير في العقول والصدور بالخيال والعرف وهو بالطب أو بمطاوعة الجن أيضًا، والأنبياء مصونون عن هذا النوع معصومون بعصمة الله لا يضرُّهم منه شيء، والكل لا يؤثر إلا بإذن الله ومشيئته.
وحكم الساحر: أن يُقتل إن كان يقتل بسحره، وهذا الشرط مرويٌّ عن أبي يوسف (٤)، وكذلك إن حكم سحره كلمة كفر أو اتخاذ معبود، وكذلك إن اشتمل شيئًا من السحر قليلًا أو كثيرًا، أما هو كفر في نفسه أو غير كفر لأنه مقطوع الحكم بتحريمه لا يسوغ الاجتهاد فيه، فإذا (٥) استحلَّه كفر فوجب قتله، والحكم فيما عدا هذه الأوجه الثلاثة الإنذار والنكال (٦).
(٢) أبو داود (٢٩١)، والترمذي (١٢٨)، والدارمي (٨٧٦) والحديث صحيح.
(٣) (إذْ) ليست في "أ".
(٤) أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي، صاحب أبي حنيفة، إمام مجتهد. ولد سنة ثلاث عشرة ومائة وتربَّى يتيمًا. قال محمد بن الحسن: مرض أبو يوسف فعاده أبو حنيفة، فلما خرج قال: إن يمت هذا الفتى فهو أعلم من عليها. وقال ابن معين: ما رأيتُ في أصحاب الرأي اْثبت في الحديث ولا أحفظ ولا أصح رواية من أبي يوسف. توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة.
[تاريخ ابن معين (٦٨٠)؛ التاريخ الكبير للبخاري (٨/ ٣٩٧)؛ تاريخ بغداد (١٤/ ٢٤٢)؛ تذكرة الحفاظ (١/ ٢٩٢)].
(٥) في "ن" "ب": (فإن).
(٦) انظر تفاصيل أنواع السحر وأحكامه الشرعية في كل من: [تفسير القرطبي (٢/ ٤٧) - فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص ٣١٤ - تفسير الطبري (٢/ ٣٥٢) - تفسير الماوردي (١/ ١٦٤) - ابن كثير (١/ ١٧٩) - مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية (٢٨/ ١٠٥) السنن والمبتدعات للشقيري ص ١٤٨].