علموا أو لم يعلموا، إلا أن المراد به كونه مذمومًا عندهم، وهو كقوله: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (١).
وإنما قال (٢): ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا﴾ ثم قال: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ لأنَّ العلمَ الأول: راجعٌ إلى فوات المعاد فهو مثبت، والعلم الثاني راجعٌ إلى قُبح الصنيع (٣) وهو منفي إذ كل أمةٍ زُيِّنَ لهم سوءُ عملهم (٤).
﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ لثوابٌ وهو الجزاء، وأكثرُ استعماله في الخير، ووزنه مَفْعُلَة عند بعضهم، ومَفْعُولة عند الآخرين (٥). والخيرُ اسمٌ عامٌّ محمود كله، ونقيضُه: الشر، يقال: فلانٌ خيرٌ من فلان أو شرٌّ منه، والمراد به التفضيل، إنما وقع التفضيل ها هنا على المتاع القليل من العاجلة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا﴾ نزلت في النهي (٦) عن لفظة كان المسلمون يتلفظون بها ويلحَنُ (٧) فيها اليهود ليًّا بألسنتهم [يريدون الشتم] (٨)، وهي لفظة رَاعِنَا، قال ابن عرفة: هو مِنَ المراعاة، والعرب

(١) سورة العنكبوت: ٤١.
(٢) في "أ": (قالوا).
(٣) (الصنيع) ليست في "أ".
(٤) تقدير الكلام عند الطبري: وما هم بضارِّين به من أحد إلا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرُّهم ولا ينفعهم، ولبئس ما شرَوْا به أنفسهم لو كانوا يعلمون، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق" والخطاب موجَّه إلى اليهود حيث لم يعملوا بما علموا. [الطبري (٢/ ٣٦٩)].
(٥) في "مثوبة" قولان من حيث الوزن؛ الأول: أن وزنها مَفْعُولَة والأصل مَثْوُوبَة فَثَقُلَت الضمة على الواو فَنُقِلَت إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذف أحدهما مثل: مَقُولة ومَجُوزة ومَصُون وَمَشُوب.
والثاني: أنها على وزن مَفْعُلَة من الثواب بضم العين، وإنما نقلت الضمة منها إلى الثاء.
[البحر (١/ ٣٣٥) - ابن عطية (١/ ٣٧٤) - الدر المصون (٢/ ٥٠)].
(٦) في "أ": (النبي).
(٧) في "أ": (ويلحق) وهو خطأ.
(٨) ما بين [...] ليست في "أ".


الصفحة التالية
Icon