وشدَّةً على الكفار. (ما) للنفي. (مِنْ) للتنويع (١) وهي مقَدَّرةٌ (٢) في قوله: ﴿وَلَا الْمُشْرِكِينَ﴾ عَنَوْا به وقع الاكتفاء بالأولى. ﴿أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ الجملة في موضع النصب لوقوع الفعل المنفي عليها (مِنْ) للتفسير (٣) ﴿خَيْرٍ﴾ نُصرةٍ ووحي ونحوهما. ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (من) لابتداء الغاية، ومجازه: أن ينزل الله عليكم من خير من عنده. واسم "الله" مرتفع بالابتداء أو بالفعل ﴿يَخْتَصُّ﴾ تخصيص الشيء: اقتطاعُهُ من جنسه. والعموم ضد الخصوص.
﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ (مَنْ) في محل النصب لوقوع الاختصاص عليه، مَن يشاء اختصاصه. و (اللهُ) رفع بالابتداء و ﴿ذُو﴾ خبره. وذو الشيء: مَنْ له الشيء على وجه التخصيص أو التمليك. وقد يُجعلُ الشيءُ ذا معناه وهو نفسه، كقولهم: الإنسان ذو روح وجسد، والأمر ذو بالٍ. وهو يُشبه الأخ والأب في التوحيد والتثنية والجمع، ذوو مثل: أولو وسنو. وذات الشيء: نفسُهُ، وقد تجعل التاء فيه من نفس (٤) الكلمة فتثبت على (٥) النسبة.
﴿مَا نَنْسَخْ﴾ (مَا) بمعنى المصدر إلا أن فيه معنى الشرط بدلالة جزم

(١) وقيل إن "مِنْ" للتبعيض فتكون هي ومجرورها في محل نصب على الحال. وقيل: هي لبيان الجنس، وبه قال الزمخشري. [الكشاف (١/ ٣٠٢)].
(٢) عند التحقيق - والله أعلم - يتعين أن يكون "المشركين" معطوفة على "أهل" بدون تقدير الحذف الذي ذكره المؤلف، وزعم بعضهم أنه مخفوض على الجوار وأنه الأصل - ولا المشركون - عطفًا على الذين، وإنما خفض للمجاورة نحو قوله تعالى: ﴿بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾، وهو قول أبي جعفر النحاس. وأما أبو البقاء فقال بالرفع عطفًا على الفاعل.
[الإملاء (١/ ٥٦) - إعراب القرآن للنحاس (١/ ٢٠٥) - الدر المصون (٢/ ٥٣)].
(٣) وقيل "مِنْ" زائدة للتوكيد، وذلك لأنهم اشترطوا في زيادتها دخولها على النكرة وأن تسبق بنفي أو شبهه، وهذا مذهب سيبويه وجماعة بخلاف الكوفيين والأخفش فإنهم لا يشترطون ذلك. وقيل: "مِنْ" للتبعيض أي: ما يودون أن ينزَّل من الخيرِ قليل ولا كثير.
[الكتاب (١/ ٢٧٩) - معاني القرآن للأخفش ص ٩٨].
(٤) في جميع النسخ (من نسخ) والمثبت لعله أصوب.
(٥) في "ب": (في) بدل (على).


الصفحة التالية
Icon