(الأسحار) جمع سَحَر كأسفار وسَفَر، والسحَر أوان انفلاق الصبح، وإنما خصّ ذلك الوقت بالدعاء؛ لأن اليقظة في ذلك الوقت أضن على النفس وأخلص لوجه الله تعالى، والقائمين بالليل يفرغون من الصلاة تلك الساعة فيشغلون بالدعاء والاستغفار كما أخبر الله تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)﴾ [الذاريات: ١٧، ١٨] فإنّما نصب على القطع (١).
وتقديره: شهد الله القائم بالقسط إقامة القسط، [وقيامه بالقسط: إقامة القسط] (٢) في العالم بين العقلاء كما يقال: فلان قائم بالحوايج، ويحتمل أن يكون القسط صفة من اسمه المقسط فيكون عبارة عن قيامه مقسطًا، وثبوته عادلًا من غير كيفية وحال كما يقال: فلان قائم بالخلافة والإمارة.
و ﴿الدِّينَ﴾: الحكم، ولذلك يقال للحاكم: الدّيان، وفي حديث بعض التابعين: كان علي ديّان هذه الأمة، قال الأعشى للنبي -عليه السلام-:
(١) في نصب "قائمًا" أربعة أوجه إعرابية:
الوجه الأول: أنه منصوب على الحال.
والوجه الثاني: أنه منصوب على النعت للمنفي بـ"لا".
الوجه الثالث: أنه منصوب على المدح. ويجوز أن يكون المنصوب على المدح نكرة خلافًا لمن منعه.
وأنشد سيبويه على ذلك قول أمية بن أبي عائذ الهذلي:
ويأوِي إلى نسوةٍ عُطَّلٍ | وَشُعْثًا مراضيعَ مثلَ السعالي |
[ديوان الهذليين (٢/ ١٨٤)؛ الكتاب (١/ ١٩٩)؛ معاني القرآن للفراء (١/ ٢٠٠)؛ ابن
يعيش (٢/ ١٨)].
(٢) ما بين [...]، سقطت من الأصل.