تقول: خيركم الله وأصلح بالكم ونصركم مصالح معاشكم ومعادكم، وقيل: هو العدة الجميلة وتمنيه الخير، وقيل: هو الوعظ، وفي الجملة هو أن تلطف (١) لهم القول بما يرضيهم ولا يسخط ربّه.
﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ واختبروهم في المعاملات قبل البلوغ. ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ تأجيل وتوقيت، وهو بلوغهم وقت الإنزال ما بين ثنتي عشرة سنة إلى ثماني عشرة سنة (٢). وقال سعيد بن جبير في قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ (٣) أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ [الأنعام: ١٥٢] قال: ثماني عشرة سنة (٤) وإليه ذهب أبو حنيفة - رحمه الله - (٥). ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ شرط؛ أي فإن أحسستم منهم هديًا في المعاملات. ﴿فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ حكم معلق بشرط ومجرده لا يدل على نفي ما عداه، ولأن الآية تضمنت حكم الدفع عند وجود الشرط ولم تتضمن الدفع عند عدمه. وعن ابن سيرين وإبراهيم النخعي لم يَريان (٦) الحجر على الحرّ (٧)، وبه أخذ أبو حنيفة - رحمه الله - (٨) ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾ أي (٩): مسرفين أو بإسراف. وكل نفقة لم يأذن بها الله

(١) في "ي" والأصل: (تطلق).
(٢) أي إذا بلغوا الحُلُم، وهذا تفسير ابن عباس - رضي الله عنهما -، وهو مروي عن مجاهد والسدي وابن زيد رواه عنهم الطبري في تفسيره (٦/ ٤٠٤)، وأما تفسير سعيد بن جبير فهو بناء على الأغلب، وهو أن يحصل البلوغ بسن الثامنة عشرة، وإلا فإن البلوغ قد يحصل قبل ذلك.
(٣) في "أ": (هو).
(٤) رواه عن مع سعيد الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٢٢٠)، وانظر ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ١٥٠).
(٥) الذي روي عن أبي حنيفة هو خمسة وعشرين سنة كما في القرطبي الهداية (٧/ ١٣٥)، وانظر المفتي (٤/ ٢٩٦)، وذكره المرغناني عن الحنفية كأحد أقوالهم كما في شرح الهداية (٣/ ٢٨٤).
(٦) في "أ": (يرياني).
(٧) أما عن ابن سيرين فلم أجده.
وأما عن إبراهيم النخعي فذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٢/ ١٥)، والقرطبي في تفسيره (٣/ ٣٧).
(٨) انظر القرطبي (٣/ ٣٧).
(٩) في "ب": (أي) والبقية: (أو).


الصفحة التالية
Icon