تعالى فهي إسراف ﴿وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا﴾ أي: مبادرين كبرهم مصدر عمل في فعل (١) ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ﴾ محكم متفق في معناه ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ مختلف فيه. قال عمر: يا رقي إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم إن احتجت أخذت منه وإن (٢) أيسرت رددت (٣) (٤)، فهذا (٥) يدل على أنه لا يأخذه إلا على وجه الاستقراض، وبه قال أبو العالية وعبيدة السّلماني (٦). وعن ابن عباس أنه أباح للوصي الطعام إن احتاج إليه (٧) ولم يبح له الكسوة، وعنه أنه قال: إن المحتاج إنما يأكل على وَجْه العمالة (٨)، وبه قال مجاهد وابن المسيب (٩)، وقال الشعبي: هو كالمضطر فإنْ أيسر رد وإنْ لم يوسر فهو له حلال (١٠). وعن سعيد بن جبير: إن أيسر رد وإن لم يوسر دعا اليتيم فاستحل منه (١١). وهذا إن لم يفرض له الأب والقاضي عمالة، فأما إذا فرض فهو له حلال غنيًا أو فقيرًا.

(١) قوله: ﴿إِسْرَافًا وَبِدَارًا﴾ [النساء: ٦] أقرب الأوجه في إعرابهما أنهما منصوبان على المفعول من أجله أي لأجل الإسراف والبدار، والوجه الثاني: هو الذي ذكره المؤلف وهو أنهما مصدران في موضع الحال، أي مسرفين ومبادرين.
(٢) في "أ" "ب": (وإذا).
(٣) في "أ" "ب": (رددته).
(٤) رواه عبد الرزاق في مصنفه (١٠١٢٨، ١٩٢٧٦)، وسعيد بن منصور (٧٨٨ - التفسير)، وابن سعد (٣/ ٢٧٦)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٢٤)، وابن جرير (٦/ ٤١٢)، والنحاس في ناسخه (٢٩٦)، وابن المنذر (١٣٩٤)، والبيهقي (٦/ ٣٥٤).
(٥) في "ب": (وهذا).
(٦) انظر زاد المسير (٢/ ١٦)، والقرطبي (٣/ ٤١) وكلاهما ذكره عن أبي العالية وعبيدة السلماني، وذكره ابن أبي حاتم في تفسيره بدون سند (٤٨٢٩).
(٧) ورد عن ابن عباس الإطعام كما عند ابن بي حاتم (٤٨٢٥، ٤٨٢٨)، وابن جرير (٦/ ٤١١).
(٨) في "ي" والأصل: (المعاملة).
(٩) هذا مروي عن ابن عباس وعائشة كما في زاد المسير (٢/ ١٦)، وقد ذكره عن مجاهد ابن أبي حاتم (٤٨٢٩) بدون سند، وهو مذكرر كذلك عن سعيد بن جبير وليس سعيد بن المسيب عند ابن أبي حاتم (٤٨٢٩) بدون سند.
(١٠) ذكره عن الشعبي كما في زاد المسير (٢/ ١٦).
(١١) ابن أبي حاتم (٤٨٣٠، ٤٨٣١).


الصفحة التالية
Icon