﴿تِلْكَ﴾ إشارة إلى هذه الوصايا أو (١) الفرائض و (٢) إلى جميع الأحكام التي تقدمت، وذلك إشارة إلى الدخول الذي هو من قضية الإدخال، ويحتمل أنّه إشارة إلى الخلود، و ﴿خَالِدِينَ﴾ نصب على الحال (٣) بـ "من"، ومن يصلح للواحد والجماعة.
﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ﴾ يأبى أحكام الله تعالى ويحكم بغيرها فيكفر وإن حمل على أدنى معصية؛ فإدخال النار جزاء فيجوز نسخه وليس بخبر (٤)، والخلود يجوز أن يكون متناهيًا. ﴿خَالِدًا﴾ نصب على الحال (٥) بـ "من".
﴿وَاللَّاتِي﴾ جمع التي على غير قياس. ﴿الْفَاحِشَةَ﴾ الزنا ﴿أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ أي: من المؤمنين إن ادعى عليهن مدعٍ أنهن زنين فاستشهدوا على دعواه أربعة من الرجال العدول، هذا حكم الله لم ينسخه شيء

(١) في "ب": (واو) بدل (أو).
(٢) في "ب": (أو) بدل (واو).
(٣) أي أنه حال من الضمير المنصوب في "يُدْخِلْهُ" ولا يضر تغاير الحال وصاحبها من حيث كانت جمعًا وصاحبها مفردًا، ويجوز أن تكون "خالدين" نعتًا لـ "جنات" قاله الزجاج وتبعه التبريزي.
[إعراب القرآن للزجاج (٢/ ٢٦)].
(٤) في "ي" والأصل: (لخبر).
(٥) في هاتين الآيتين نكتة بلاغية حيث ورد وصف أهل الجنة في الآية الأولى بصيغة الجمع "خالدين"، بينما ورد وصف أهل النار في الآية الثانية بصيغة الإفراد "خالدًا"، وأجيب عن ذلك بثلاثة أوجه:
الأول: أن أهل الجنة ذوو مراتب متفاوتة، ولذلك اقتضى وصفهما بصيغة الجمع، وإن أهل النار لا يتفاوتون في العقاب فكلهم في النار ولذلك وصفهم بصيغة المفرد.
والوجه الثاني: قيل إن الإفراد لأهل النار لأنهم فرقة واحدة زيادة في الوحشة وقساوة في العقاب، والجمع لأهل الجنة يقتضي الآنس بالاجتماع والسعادة بالتعارف واللقاء ولأنهم طبقات بحسب تفاوت درجاتهم.
والوجه الثالث: وقد ذكره السمين الحلبي: وهو أن أهل الطاعة هم أهل الشفاعة، فلما كانوا يدخلون هم والمشفوع لهم ناسبَ ذلك الجمع، والعاصي لا يدخلُ به غيره النار فناسب ذلك الإفراد.
[الدر المصون (٣/ ٦١٦)، إعراب القرآن للدرويش (٢/ ١٧٩)].


الصفحة التالية
Icon