﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ احبسوهن (١) إلى أن يمتن ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ﴾ أو إلى أن يحكم الله فيهن بحكم آخر صار منسوخًا بخبر عبادة بن الصامت "خذوا عني" (٢) أي: خذوا عني الخبر، ثم نسخ التغريب (٣). والجمع بين الجلد والرجم (٤) بخبر ماعز وغيره (٥).
﴿وَاللَّذَانِ﴾ قال مجاهد: الرجلان (٦)، وأبطل القاضي أبو عاصم (٧) فائدة التثنية على هذا القول إلا أن تكون الفاحشة هي اللواطة (٨). وقيل:

(١) احبسوهن من "أ" "ب".
(٢) رواه مسلم (١٦٩٠). ولفظه: "خذوا عني، قد جعل الله لهنَّ سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم".
(٣) في "أ": (التغرب).
(٤) في "ب": (الجلد).
(٥) الجمع بين الجلد والرجم هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو مروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وبه قال ابن عباس وأبي بن كعب وأبو ذر، وأما الاقتصار على الرجم فهو مروي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن مسعود، وبه قال النخعي والزهري والأوزاعي ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وأما ما ذكره المؤلف الجرجاني من الجمع بينهما في حديث ماعز بن مالك فالصحيح أنه لم يجمع بينهما في حديث ماعز، ولذا صح عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - رجم ماعزًا ولم يجلده ورجم الغامدية ولم يجلدها وقال: "وَاغدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" أخرجه البخاري (٣/ ٢٤١)، ومسلم (٣/ ١٣٢٤). لكن الأحاديث المذكورة في إقامة حد الثيب بالرجم والتي لم تذكر الجلد لا يدل على أنه لم يجمع بينهما، فعدم الذكر ليس ذكرًا للعدم، فقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في صحيحه (٣/ ١٣١٦) وغيره من حديث عبادة بن الصامت قال: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" فرحم الله ماعزًا الذي قال النبي عليه الصلاة والسلام في حقه: "لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم" وقال عنه أيضًا: "لقد رأيته يتخضخض - أي يغتسل - في أنهار الجنة".
(٦) ابن جرير (٦/ ٤٩٩، ٥٠٠)، وابن المنذر (١٤٧٢)، وابن أبي حاتم (٤٩٨٤).
(٧) هو شيخ الشافعية القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عباد العبادي الهروي إمامًا محققًا مدققًا. من مؤلفاته "المبسوط" و"الهادي". توفي سنة ٤٥٨ هـ.
(٨) في جميع النسخ: (اللوط)، والمثبت من الأصل و"ي".


الصفحة التالية
Icon