والإنكار ﴿بُهْتَانًا﴾ أي: بهتان وهو أن يدعي الإبراء أو يجحد الوجوب أصلًا، والآية في المدخول بها، ويدلس على جواز المفاداة بالصداق وإن كان مكروهًا.
﴿وَكَيْفَ﴾ (١) أداة التعجب، وهي هاهنا بمعنى النهي والإنكار و (الإفضاء إليها): الوصول إليها في الخلوة سواء وجد الجماع أم لم يوجد عند الزجاج والفراء (٢)، وعن ابن عباس أنه الجماع (٣)، فعلى القول الأول الخلوة أوجبت كمال المهر بالآية، وعلى القول الثاني أوجبت بقضاء الخلفاء الراشدين، و (الميثاق الغليظ) هو العقد والإشهاد. وقال الزهري: كان يقال للناكح: لله عليك أن تمسكها أو تسرحها بإحسان (٤)، وفي الحديث: "أخذتموهن بأمانة الله واسثحللتم فروجهن بكلمة الله" (٥) فهذا كله في الميثاق الغليظ.
﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ تحريم موطوءة الأب ومنكوحته عن ابن عباس وعكرمة وقتادة (٦)، وفي قوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ أربعة أقوال: استثناء متصلًا، كأنه قيل: أنتم منهيون عن نكاحهن وذلك موهم للماضي

(١) في الأصل: (من) وهو خطأ.
(٢) ذكره الزجاج في معاني القرآن (٢/ ٣١)، والفراء في معاني القرآن (١/ ٢٥٩)، وذكر ابن الجوزي النسخ وذكر أن ابن جرير ردّ هذا القول وعلله بأن الحد حق الله والافتداء حق للزوج وليس أحدهما مبطلًا للآخر. انظر زاد المسير (٢/ ٤١).
(٣) ابن جرير (٦/ ٥٤١)، وابن المنذر (١٥١٤)، وابن أبي حاتم (٦/ ٥٠٦).
(٤) عن الزهري لم أجده، ولكنه ورد عن قتادة كما عند عبد الرزاق في تفسيره (١/ ١٥٢)، وابن جرير (٦/ ٥٤٣).
وقريبًا منه عن ابن عمر كما عند ابن أبي شيبة (٤/ ١٤٢، ١٤٣)، وابن المنذر (١٥١٨)، وعن أنس كما عند ابن أبي شيبة (٤/ ١٤٢).
(٥) أخرجه مسلم (١٢١٨) في حديث خطبة حجة الوداع المشهورة عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - مرفوعًا.
(٦) أما عن ابن عباس فرواه ابن جرير (٦/ ٥٥٠)، وابن أبي حاتم (٥٠٧٤)، وابن المنذر (١٥٢٦)، والبيهقي في السنن (٧/ ١٦١).
وأما عن عكرمة وقتادة فلم أجده.


الصفحة التالية
Icon