الحسن (١). والظاهر أنه بذل المال في السفاح دون النكاح لتقدم ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ والاستثناء منقطع لأن التجارة عن تراضٍ ليست من جنس المنهي عنه، قيل: لما نزلت هذه الآية امتنع الناس عن التبسط حتى نزل ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١] في سورة "النور". ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، وقيل: هو نهي عن أن يقتل الرجل نفسه. وإنما وصف نفسه بالرحمة لأنه أراد بنا الخير حيث نهانا عن أكل المال بالباطل وقتل النفس المحظورين بالعقل قبل الوحي ذلك إشارة إلى قتل النفس عن عطاء، وقيل: إلى الظلم الموجود في أكل الأموال وقتل الأنفس جميعًا، وقيل: إلى ما نهى من أول السورة إلى هنا. وقوله: ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ﴾ جزاء وشرط وليس بخبر (٢) ﴿وَكَانَ ذَلِكَ﴾ أي: الإصلاء ﴿يَسِيرًا﴾ غير عسير.
﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا﴾ الاجتناب والمجانبة أن تدع الشيء جانبًا ولا تتعرض له. و (الكبائر) المجمع عليها ثلاثة (٣)؛ الشرك: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨]، والكفر: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ﴾ [المائدة: ٥]، والنفاق، وما عداها مختلف فيه، فقيل: كل ما نهى من أول السورة إلى هاهنا من الكبائر، وقيل: كل ما أوجب الحد. وقيل: كل ذنب أوجب الله عليه (٤) حدًّا في الدنيا وتوعَّد عليه بالنار في الآخرة، وقيل: كل ذنب كان محظورًا في قضية العقل قبل الوحي، وقيل: كل (٥) ما أرسل الله في ذلك رسُولًا وعاقب عليه أمة، وقيل: ما يرجع إلى فسق الديانة والاعتقاد، وقيل: ما يبطل العدالة، وقيل: ما وصفه الله في القرآن بالعظم أو الكبر

(١) أخرجه ابن جرير عن الحسن (٦/ ٦٢٧).
(٢) لأن "الفاء" رابطة لجواب الشرط و"سوف" حرف استقبال و"نصلي" فعل مضارع والهاء مفعول به أول و"نارًا" مفعول به ثان، والجملة في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء. ولذا كما قال المؤلف أن الجملة ليست بخبر.
(٣) في جميع النسخ: (ثلاث)، والمثبت من "ب".
(٤) في "ب": (فيه).
(٥) في "أ" "ب": (كل ما).


الصفحة التالية
Icon