والشهادة والجهاد والولاية والإمامة وبسبب إنفاقهم على الزوجات ﴿فَالصَّالِحَاتُ﴾ غير الناشزات الفاسدات ﴿قَانِتَاتٌ﴾ مطيعات لله ولأزواجهن ﴿حَافِظَاتٌ﴾ لأنفسهن (١) وبيوتهن بحفظ الله تعالى وعصمته إياهنّ وما حفظ الله عليهن من الأحكام الشرعية أو بما حفظ الله لهن من حقوقهن من المهر والنفقة، وإنما أثنى عليهن ليعلم أنه ما عليهن من سبيل.
والهجران في المضاجع هو أن لا يضربها مدة ويرى من نفسها الملال عنها لعلها تخاف الفرقة فتترك النشوز وتحسن العشرة والطاعة ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ أدِّبوهن بضرب لا إتلاف فيه ولا تبريح ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ﴾ في الدين والفراش ﴿فَلَا تَبْغُوا﴾ تطلبوا ﴿عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ حجة وعلة ولا تتجنوا عليهن، وإنما وصف الله نفسه بالعلو والكبرياء لتعاليه عن إباحة التجني والعدوان والكبر شأنه في إقامة القسي والأخذ للمظلوم من الظالم المتجني.
﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا﴾ حاكمًا، والظاهر أن الحاكم (٢) من تحاكم إليه الخصمان ورضيا بحكمه وجعلاه كالوكيل فيما أُسند إليه، والحاكم الذي له أن يحكم وإن لم يتحاكم إليه (٣)، وإنما أمر بحكمين لأنه أبعد من الجور والميل ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا﴾ أي: يجعل حكم أحد الحكمين موافقًا لحكم الآخر إن أرادا إصلاحًا، وليس للحكمين أن يحكما بالطلاق والخلع إلا أن يكون الزوجان قد أذنا لهما في ذلك. (الخبير العليم) كقوله: ﴿نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [التحريم: ٣] وقيل: المخبر والمخبّر والمعلّم واحد.
﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ﴾ وهذا فصل آخر يتناول ما تقدم من حيث إن الجميع أمر ونهي و ﴿إِحْسَانًا﴾ نصب على الحث والتحريض (٤) ومثله قوله تعالى:

(١) في "ب": (لأنفسهم).
(٢) في "أ" "ب": (الحكم).
(٣) (والحاكم الذي... إليه) ليست في "ب".
(٤) والناصب له جملة "وأحسنوا". والتقدير: وأحسنوا بالوالدين إحسانًا. كما تقول: ضربًا زيد أي اضرب زيدًا ضربًا. هذا ما ذكره الزجاج، وأجاز الفراء الرفع على أنه مبتدأ =


الصفحة التالية
Icon