يقولون: ﴿شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٠] عن ابن مسعود أن النبي - عليه السلام - (١) قال له: "اقرأ" قال: عليك أقرأ يا رسول الله وعليك أُنزل؟! قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري" فقرأ سورة "النساء"، فلما انتهى إلى هذه الآية دمعت عينا رسول الله - ﷺ - (٢) (٣)، وفي بعض الروايات قال: "اللَّهم هذا علمي بمن أنا بين ظهرانيهم فكيف بمن لم يرنِ" (٤).
﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ظرفان من الزمان أضيف أحدهما إلى الآخر فصارا زمانًا معرّفًا فكأنك تقول: يوم إذ يكون كذا، فلذلك تعرف وصَار حكمه حكم الفعل وهذا على قول من يعرب اليوم من ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وأما من لم يعربه فيقولون: هذان اسمان جعلا اسمًا واحدًا بني على صيغة واحدة لزمان معين ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ واو استئناف، أي: لا ينكتم شيء مما (٥) يتحدثون فيما بينهم أو تحدث به أنفسهم.
﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ موضع الصلاة وهو (٦) المسجد- دون الدعاء والصلاة - المعهود؛ لأنه قال: ﴿إِلَّا (٧) عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ والعبور لا يتصور إلا في المسجد؛ فإن قيل عن أبي عبد الرحمن السلمي: إن عليًا وعبد الرحمن بن عوف كانا في دعوة رجل من الأنصار وأصابوا من الخمر وقدموا عليًا في صلاة المغرب وقرأ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ [الكافرون: ١] على غير ما أنزلت فنزلت الآية (٨)، قلنا: اعتبار عبور السبيل الذي نطق به الكتاب أولى

(١) في "ب": (- ﷺ -).
(٢) البخاري (٤٥٨٢، ٥٠٥٠، ٥٠٥٥).
(٣) (- ﷺ -) من "ب".
(٤) الطبراني في الكبير (١٩/ ٢٢١) (٤٩٢) وفيه عبد الرحمن بن لبيبة لم أعرفه كما قال
الهيثمي في المجمع (٧/ ٥). وأخرجه الطبري في تفسيره بدون الزيادة (٧/ ٤٠).
(٥) (مما) من "ب"، أما في البقية: (ما).
(٦) في "ي" والأصل: (وهي).
(٧) (إلا) ليست في "أ".
(٨) أخرجه أبو داود (٣٦٧١)، والترمذي (٣٠٢٦)، وابن جرير (٧/ ٤٦)، وابن أبي حاتم (٥٣٥٢)، وابن المنذر (١٧٩٨)، والحاكم (٢/ ٣٠٧)، والنحاس في ناسخه (٣٣٨) والحديث صحيح.


الصفحة التالية
Icon