المؤمنين يريدون بهذا اللفظ هذا المعنى، وقيل: اسمع لا سمعت، وقيل: اسمع غير ممكّن من الاستماع وكأن المنافقين واليهود يريدون بهذا اللفظ أحد هذين المعنيين (١). ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ على أنه مفعول له أو على التفسير والطعن في الذين هو الطعن عليه وَعيبُه (٢)، وقوله: ﴿سَمِعْنَا﴾ وما بعده يدل على ما في قلبه ﴿وَانْظُرْنَا﴾ أي: انتظر وتأنّ بكلامك ﴿لَكَانَ﴾ هذا القول الثاني (٣) ﴿خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾ أعدل وأقسط وأبعد عن الليّ ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ﴾ حرمهم التوفيق لمثل هذه المقالة المحمودة خبرًا لكفرهم أو أمره ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ منهم ويحتمل ﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (٤) إيمانًا قليلًا، وذلك قولهم (٥): ﴿نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾ [النساء: ١٥٠].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ نزلت في شأن اليهود (٦) ويحتمل العموم في أهل الكتاب وغيرهم بادروا وقت هذا الوعيد الكائن لا محالة، والوعيد أحد شيئين: إمّا طمس الوجوه وردها على أدبارها وإما اللعن، واختلف في الطمس والرد على الأدبار، قيل: محو آثار الوجوه من أصلها وصرف الأعين إلى الأقفية والمشي قهقرى؛ عن ابن عباس وابن جريج (٧)، وقيل: الطمس (٨) كختم القلوب وإغشاء الأسماع والأبصار وهو الخذلان،

(١) أي يقول اليهود عندما كانوا ينالون من نبينا محمد - ﷺ - ويسبونه كانوا يقولون له: اسمع لا سمعت، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. أخرجه عنه الطبري في تفسيره (٧/ ١٠٥).
(٢) (وعيبه) ليست في "ب".
(٣) (الثاني) ليست في "ب".
(٤) (إلا قليلًا) من الأصل فقط.
(٥) (قولهم) ليست في "ب".
(٦) ابن جرير (٧/ ١١٨)، وابن المنذر (١٨٤٧)، وابن أبي حاتم (٥٤١١)، والبيهقي في السنن (٢/ ٥٣٣، ٥٣٤).
(٧) أما عن ابن عباس فرواه ابن جرير (٧/ ١١٢)، وابن أبي حاتم (٥٤١٢، ٥٤١٥) من طريق العوفي عنه.
وأما عن ابن جريج فلم أجده.
(٨) في "ب": (الطمث).


الصفحة التالية
Icon