﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ﴾ الانطباخ والانشواء وهو غاية استرخاء التأليف بالحرارة ﴿بَدَّلْنَاهُمْ﴾ غيرها. والعذاب للنفوس دون الجلود إذ لا حياة في الجلود وإن كانت من جوهر النفوس، وقيل: أن يجدد جلودهم (١) النضيجة وهي أجسادهم، ويجوز (٢) إطلاق اسم الغير عند (٣) الانقلاب كقوله ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ [المؤمنون: ١٤] يعني: غيره، وقيل في تفسير قوله: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨]: إنما هي (٤) هذه الأرض ولكنها تقلب ظهرًا عن بطن.
و (الظل الظليل): هو الظل الذي يستطاب ويستظل به. قال الله تعالى في هذه: ﴿إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات: ٣١] والمراد بالظل الظليل جميع أنواع السلامة عن الحرّ والبرد وغيرها في حمى الله وكنفه.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ﴾ عامة في الظاهر يدخل (٥) كل أمانة من كلام أو مال ويدخل (٥) فيه ما كان عند أهل الكتاب من نعت نبينا -عليه السلام- (٦)، ويدخل فيه ما ائتمن الله الأئمة فيه من العهد، وروي أن النبي -عليه السلام- أخذ مفتاح الكعبة حرسها الله يوم الفتح من عثمان بن طلحة وجه بني عبد الدار وكانت الحجابة فيهم. فقال عثمان: خذ بأمانة الله، ثم إن عباسًا أحب أن يدفع رسول الله - ﷺ - (٧) المفتاح إليه لينضم له فضيلة الحجابة إلى فضيلة السقاية، فتلا رسول الله الآية ورد المفتاح إلى عثمان، وقيل: أنها نزلت حينئذ ثم إن عثمان بن طلحة دفعه بعد ذلك إلى أخيه شيبة وهو في بيته اليوم (٨).

(١) في الأصل: (جلود).
(٢) في "ب" "ي": (فيجوز).
(٣) في "أ": (عنه).
(٤) (هي) ليست في "ب".
(٥) في "ب": (تدخل).
(٦) (السلام) ليست في "ي".
(٧) (- ﷺ -) من "ب" فقط.
(٨) ذكره ابن مردويه من طريق الكلبي. وانظر: لباب النقول للسيوطي (٧١)، تفسير ابن كثير في تعليقه على الآية، وعن الثعلبي كذلك ذكره ابن حجر في العجاب (٢/ ٨٩٣)، وذكره عن ابن جريج ابن جرير (٧/ ١٧٠، ١٧١)، وابن المنذر (١٩٢٠).


الصفحة التالية
Icon