﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ﴾ طاعة الله (١) فريضة وطاعة رسُوله واجبة وطاعة أولي الأمر في طاعة الله فريضة. فريضة حتمًا وفي سائر المصالح حسنة مندوبٌ إليها، ولو كان حتمًا لما أمر برد المتنازع فيه إلى الله ورسوله، وينهى عن التنازع أصلًا، و (أولو الأمر) منا الولاة من مذهبنا وديننا الذين عقيدتهم ظاهرة وملتهم ظاهرة وبيعتهم سابقة، والمتنازع فيه ما اختلف فيه أهل الرأي والاجتهاد من الفروع دون الأصول، والردّ إلى الله وإلى الرسول، وقيل: رفعه إلى رسوله وانتظار نزول القرآن وهذا كان مختصًا بالصحابة، كانوا إذا رأوا من أمير السرايا شيئًا ينكرونه ذكروا ذلك لرسول الله - ﷺ - بعد رجوعهم.
والثاني بجعل المنصموص عليه بالسنة والكتاب أصلًا ويستنبط علة إن أمكن ثم يرد المتنازع فيه إلى ذلك الأصل بتلك العلة. والمنصوصان لغرض التعليل كالجمع (٢) بين الأختين في الكتاب والتفاضل في الأشياء الستة في الحديث، إلا ما نهى الله (٣) عن تعليله كقضاء الحائض صومها دون صلاتها، وهذا الوجه وجد بين جماعة من الصحابة وبين عمر في ولايته فمرّة رجعوا إلى قوله، ومرة رجع إلى قولهم، وكذلك وجد في ولاية عثمان وعلي.
والثالث أن (٤) ترجي أمر المتنازع فيه إلى الله إذا تجاذب الأصلان ولم يكن ترجيح لأحدهما فحينئذ يجعل حكم المتنازع فيه موقوفًا.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ﴾ نزلت في المنافقين (٥). ﴿الطَّاغُوتِ﴾

(١) (الله) ليست في "ب".
(٢) في الأصل: (كان الجمع).
(٣) (الله) ليست في "ي".
(٤) (أن) من "ي".
(٥) رواه ابن جرير في تفسيره (٧/ ١٨٩)، والواحدي في أسباب النزول (ص ١١٩)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ١٧٨) إلى ابن المنذر عن عامر بن شراحيل الشعبي قال: كان بين رجل من اليهود وبين رجل من المنافقين خصومة، فكان المنافق يدعو إلى اليهود لأنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة، وكان اليهودي يدعو إلى المسلمين؛ لأنه يعلم أنهم لا يقبلون الرشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيه هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon