علم الغيب دون سائر الناس، هاما من طريق المشاركة مثل هارون -عليه السلام- (١)، وإما من طريق المتابعة مثل السبعين، وإنما قدم النبي لأن اسم النبي مختص بالداعي الموحى إليه فكان لاختصاصه أشرف، والصديق يستجمع معنى الشهادة كلها لصدقه، ثم يزيد صدقًا في سائر المعاني من استواء ظاهره وباطنه، فلزيادته كان أشرف، والشهيد كان أخص من الصالح (٢)؛ لأن كل مسلم صالح إذا حافظ على الشريعة سواء كان من أهل المشاهدة أو لم يكن.
﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ﴾ ما أحسن أولئك وأحسن بأولئك (٣)، ﴿رَفِيقًا﴾ مرافقة.
﴿ذَلِكَ﴾ يعني إدخال الجنة فضلًا لأنه بفضله جعلها موعودة، فلولا فضله ووعده لما كانت الجنة مستحقة ولكان يكفي المحسن أن لا يعاقب بعقوبة المفسد، ﴿عَلِيمًا﴾ أي من عليم يعلم المطيع وغيره.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ اتصالها بما قبلها من حيث أنه لما رغبهم غاية الترغيب اتبعه بما تكرهه النفوس ليهون عليهم ذلك في مقابلة ما رغّبهم فيه، ﴿حِذْرَكُمْ﴾ الحذر السلاح والعدة. وقيل: الحَذر والحِذر (٤).
﴿فَانْفِرُوا﴾ فأخرجوا النفر، والنفور: الخروج في وجه العدو، والنفور: التباعد، والنفار: التجافي، ﴿ثُبَاتٍ﴾ جمع ثبة وهي السرية

(١) (السلام) ليست في "ي".
(٢) في "أ": (المصالح).
(٣) أي أنهما صيغتا تعجب. وقد حمل الزمخشري الآية على أنها صيغة تعجب ولذا قُرِىءَ "وحَسْنَ" بسكون السين وهي قراءة أبي السمَّال مثل عَضْد وعَضُد وهي لغة تميم.
[الكشاف (١/ ٥٤٠)، البحر (٣/ ٢٨٩)، الشواذ (٢٧)].
(٤) الحَذَر والحِذْر: لغتان بمعنى واحد لكن قد يستعمل أحدهما في موضع ما لا يستعمل فيه الآخر فتقول: خُذْ حِذْرك بالكسر ولا يجوز فتح الأول والثاني. قاله السمين الحلبي (٤/ ٢٧).


الصفحة التالية
Icon