والعصبة وجمعها ثبات وثبون (١)، فالله تعالى يقول: اخرجوا سرايا أو جندًا مجندًا على حسب الإمكان وموافقة للحال (٢).
﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ﴾ نزلت في المنافقين (٣) المتثاقلين عن الخروج المتربصين بالمؤمنين ﴿لَمَن﴾ اللام هي التي في قولك إنه ليفعل وإنه لفاعل، فلما قام الاسم مقام الخبر اكتسى بتلك اللام والسلام في ﴿لَيُبَطِّئَنَّ﴾ اللام (٤) لام القسم (٥) فكأنه قال: ﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ﴾ والله ليبطئن وهي تدخل على صلة المنقوصات والنكرات (٦)، وإنما قال (منكم) لأنهم كانوا في الظاهر من جملة المؤمنين أو من أهل المدينة، والبطء: ضد السرعة، والإبطاء ضد الإسراع. أو (٧) لقوله ليبطئن وجهان؛ أحدهما: ليبطئن بالتخفيف (٨)، وإنما شدد للمبالغة.
والثاني: ليبطئن غيره من الخروج كما أخبر عنهم بقوله: {وَقَالُواْ لَا

(١) وزنها في الأصل فُعَلَة كَحُطَمَة، وإنما حذفت لامها وعوض عنها لام التأنيث لأنها مشتقة من ثبا يثبو كخلا يخلو. وقيل: لأنها مشتقة من ثبيتُ على الرجل إذا أثنيتُ عليه كأنك جمعت محاسنه. والثُّبَة: الجماعة من الرجال وتُصَغَّر على ثُبَيَّة.
[الدر المصون (٤/ ٢٨)، البحر (٣/ ٣٩٠)].
(٢) في "ب": (الحال).
(٣) روي ذلك عن مجاهد. أخرجه الطبري في تفسيره (٧/ ٢٢٠)، وابن أبي حاتم (٥٥٨٧)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ١٨٣) إلى عبد بن حميد وابن المنذر، وقد قال المنافقون ذلك يوم أُحُد لتثبيط المسلمين عن الجهاد.
(٤) (اللام) من "ب" فقط.
(٥) في "ب": (قسم).
(٦) التفريق بين اللامين لام "لَمَن" ولام "لَيُبَطَّئَنَّ" ذكرهما ابن جرير في تفسيره، واللام في "ليبطئن" يجوز أن تكون جوابًا لقسم محذوف -كما ذكره المؤلف- والقسم وجوابه صلة لـ"مِنْ" أو صفة لها والعائد الضمير المرفوع بـ"ليبطئن" والتقدير: وإن منكم للذي والله ليبطئن.
ويجوز كما نقله ابن عطية عن بعض النحاة أنها لام التأكيد بعد تأكيد.
[الطبري (٧/ ٢٢١)، المحرر (٤/ ١٧٣)، البحر (٣/ ٢٩١)، الدر المصون (٤/ ٢٩)].
(٧) في "أ" "ب": (واو) بدل (أو).
(٨) قراءة التخفيف هي قراءة مجاهد.
[الشواذ ص ٢٧].


الصفحة التالية
Icon