تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [التوبة: ٨١] ﴿مُصِيبَةٌ﴾ نكبة (١) ﴿قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا﴾ أي: شمت بالمؤمنين ويعدّ تخلفه عن موجب الإجزاء والشهادة نعمة ولم يعلم أنه خذلان وخسران، وذلك لفساد اعتقاده وإنكاره الدار الآخرة.
﴿فَضْلٌ﴾ ظفر وغنيمة، وقوله: ﴿كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ﴾ عارض (٢)، والتقدير: ليقولن يا ليتني، ثم العارض يجوز أن يكون في موضعه لأن الحبيب يفرح بغنيمة الحبيب ولا يتمنى مشاركته على سبيل المزاحمة، ويحتمل أنه راجع إلى قوله: ﴿قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ﴾. و (يا): حرف نداء، والتقدير: يا قوم (ليتني كنت معهم فأفوز) نصب لأنه جواب (٣) التمني (٤).
﴿الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾ المؤمنون، والشري: بمعنى البيع. ويحتمل أنهم المنافقون، فيكون الشراء بمعنى الاشتراء

(١) (نكبة) ليست في الأصل.
(٢) واعتراض الجملة: قيل إنها معترضة بين جملة الشرط التي هي "فإن أصابتكم" وبين جملة القسم التي هي "ولئنْ أصابتكم" فأخرت الجملة المعترضة والنية بها التوسط. وهذا قول الزجاج ولعل هذا -كما قاله السمين الحلبي- من الزجاج تفسير معنى لا إعراب.
وقيل: الجملة معترضة بين القول ومفعوله وهو قول الزمخشري. وقال أبو علي الفارسي: هذه الجملة من قول المنافقين للذين أقعدوهم عن الجهاد وخرجوا هم: (كأن لم تكن بينكم وبينه -أي وبين الرسول -عليه السلام- مودة) فيخرجكم معه لتأخذوا من الغنيمة ليُبْغِضُوا بذلك الرسول إليهم. فأعاد الضمير في "بينه" على النبي -عليه السلام- وتبع الفارسي في ذلك مقاتلًا.
[معاني القرآن للزجاج (٢/ ٨٠)، الكشاف (١/ ٥٤١)، المحر (٤/ ١٧٤)، الدر المصون (٤/ ٣٢)].
(٣) في الأصل: (جواز).
(٤) هذا قول الجمهور أنه منصوب جوابًا للتمني، والكوفيون يزعمون نصبه بالخلاف، والجرمي يزعم نصبه بنفس الفاء. والأظهر من هذه الأقوال قول الجمهور؛ لأن الفاء تعطف هذا المصدر المؤول من "أن" والفعل على مصدر متوهم ويكون التقدير: يا ليت لي كونًا معهم. [الإنصاف (١/ ٥٥٧)، البحر (٣/ ٢٩٢)، الدر المصون (٤/ ٣٥)].


الصفحة التالية
Icon