والتفسير هو الأول، وإنما قال ليقتل أو يغلب لينبه على الثواب والأجر العظيم في الوجهين، إذ كل واحد منهما إحدى الحسنيين.
﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾، أي: وفي سبيل المستضعفين، وسبيلهم: نُصْرتهم وهم قوم لم يقدروا على الهجرة وبقوا بمكة مفتونين مستضعفين. ﴿وَالْوِلْدَانِ﴾ جمع ولد ﴿الْقَرْيَةِ﴾ مكة و ﴿الظَّالِمِ﴾ صفة أهلها، ثم الصفة والموصوف جملة صفة للقرية فلذلك أنجز الظالم، وإنما لم يقل الظالمين لأنها صفة تشبه الفعل من حيث تقدمت على الاسم، فكأنه قيل: من هذه القرية التي ظلم أهلها و ﴿أَهْلُهَا﴾ ابتدأ في اللفظ وفاعل في المعنى، قال الفراء: وفي المصحف ﴿كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ [الأنبياء: ١١].
﴿وَاجْعَلْ﴾ وابعث، قيل: استجاب الله دعاءهم فبعث الله نبيه منتصرًا لهم، وما مَرَّ عليهم عتاب بن أسيد إلا لينتصف من الظالم للمظلوم.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فيه تحريض للمؤمنين وتشجيع لهم. و (الكيد) ما يكره الخصم من الحيلة، وإنما قال: ﴿ضَعِيفًا﴾ لأنه يجمع أولياءه بالغرور ولا يواليهم حقيقة الموالاة، ثم يتبرأ منهم سريعًا وينكص على عقبيه.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ﴾ قيل: نزلت في عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله والمقداد بن الأسود وقدامة بن مظعون كانوا يستأذنون رسول الله - ﷺ - (١) في قتال قريش قبل الهجرة وقبل نزول آية السيف، وكان رسول الله - ﷺ - يقول لهم: "كفوا أيديكم" (٢) ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ﴾ كرهه فريق منهم وهو طلحة بن عبيد الله وقال ما قال،
(٢) هذه رواية مقاتل بن سليمان في تفسيره (١/ ٢٥٢)، ويشهد لها رواية عند النسائي (٣٠٨٦)، وابن جرير (٧/ ٢٣١)، وابن أبي حاتم (٥٦٣٠)، والحاكم (٢/ ٦٦، ٦٧، ٣٠٧)، والبيهقي في سننه (٩/ ١١) وهي صحيحة، وفيها ذكر عبد الرحمن بن عوف وأصحابه.
وكذلك هناك رواية مرسلة عن قتادة رواها ابن جرير (٧/ ٢٣٢)، وابن المنذر (٢٠٠٧) فيها ذكر عبد الرحمن بن عوف فقط.