﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ﴾ نزلت في أمثال نعيم بن مسعود الأشجعي وأشباهه كانوا يظهرون الصلح مكرًا وحيلة (١)، ويحتمل أنها في الذين نافقوا (٢) وأظهروا الإسلام لا هاجروا ولا اتصلوا بأصحاب المواثيق، ولكن أقاموا بين ظهراني قريش معتذرين بأنهم مستضعفون وهم كاذبون، فأمر الله بأسرهم (٣) وقتلهم حيث ثقفوا، ويجوز قتل المنافق إذا اطُّلع على كفره لقوله تعالى في المنافقين: ﴿أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب: ٦١] وإنما لم يقتل ابن أبي بن سلول وأصحابه لنوع من المصلحة، ألا ترى أنه لم ينكر على المستأذن في قتله (٤).
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا﴾ نزلت في عياش بن ربيعة المخزومي كان قد خرج مهاجرًا فتبعه أبو جهل أخوه من أمه والحارث بن زيد وردّاه إلى مكة وعذباه على إسلامه، ثم تخلص منهما وهاجر وحلف بالله أن يقتل الحارث حينما يراه، ثم أسلم الحارث ولم يعلم به عياش فرآه ذات يوم وجده في ظهر فناء فقتله، ثم سمع بإسلامه فندم فأنزل الله الآية (٥). (ما كان) ما جاز (٦) لمؤمن (٧) أن يقتل مؤمنًا عمدًا، المستثنى والمستثنى منه أحد اسمي الباقي (٨).................................

(١) الطبري (٧/ ٣٠٢)، وابن أبي حاتم (٥٧٦٧).
(٢) هذا الاحتمال من المؤلف لأني لم أجد هذهِ الرواية.
(٣) المثبت في "ي"، وفي البقية: (بأسريهم).
(٤) يشير إلى الحديث الذي رواه البخاري (٤٦٢٤) ط. البغا، ومسلم (٢٥٨٤)، وفيه أن ابن أُبي قال عند عودتهم من غزوة: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعز منها الأذل (يقصد بالأعز نفسه والأذل رسول الله - ﷺ -). قال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: "دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه".
(٥) ابن جرير (٧/ ٣٠٦، ٣٠٧)، وابن المنذر (٢١٠٨)، وابن أبي حاتم (٥٧٨١).
(٦) في "أ": (جاوز).
(٧) في "أ" "ي": (لمؤمن).
(٨) قوله تعالى: ﴿إِلَّا خَطَأً﴾ [النساء: ٩٢] فيه أربعة أوجه إعرابية: الوجه الأول: أنه استثناء منقطع -وهو قول الجمهور- إن أريد بالنفي معناه. ولا يجوز أن يكون متصلًا إذ يصير المعنى في الاتصال -إلا خطأ فله قتله-. والوجه الثاني: أنه متصل إن أريد بالنفي التحريم. والوجه الثالث: أنه استثناء مفرغ وينصب على أنه مفعول له أو حال أو نعت لمصدر=


الصفحة التالية
Icon