وليس على (١) هذا التقدير دليل إباحة القتل الخطأ (٢) لأنه كالمسكوت عنه، وإثبات الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، ويحتمل أن معناه قتل المؤمن المؤمن منهي عنه معاقب عليه إلا في الخطأ؛ لأن النهي لا يتصور مع عدم القصد، والعقاب على الفعل لا يثبت مع الخطأ والنسيان، ويحتمل ما جاز لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأ، فإنّ ذلك جائز مباح إذا كان غالمب ظنه أنّه كافر وأنه يريد القتل ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ عتق عبد أو أمة، ويجزىء في ذلك الرضيع الذي أحد أبويه مسلم.
و (الدية): قيمة الدم وهي مائة من الإبل عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة لما روي عن خِشف بن مالك الطائي عن ابن مسعود "أن رسول الله - ﷺ - قضى بالدِّية في الخطأ أخماسًا" (٣).
وعن عبيدة السّلماني أن عمر جعل الديّة على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم (٤) "إلا أن يصدقوا" أن يتصدقوا الدِّية دون الرقبة؛ لأن الرقبة خالص حق الله تعالى ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ أسلم في دار الحرب وأقام به، هكذا روي عن (٥)

= محذوف على ثلاث احتمالات ذكرها الزمخشري. الوجه الرابع: أن تكون "إلا" بمعنى "ولا" ويكون التقدير: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا عمدًا ولا خطأً. وإقامة "إلا" مقام الواو جائز في كلام العرب حكى ذلك أبو عبيدة عن يونس بن حبيب واستشهد له ببيت رؤبة بن العجاج:
وكلُّ أخ مُفَارِقُهُ أخوهُ لَعَمْرُ أبيك إلا الفرقدانِ
[الكشاف (١/ ٥٥٢)، الدر المصون (٤/ ٦٩)].
(١) (على) من "ي".
(٢) في "ي": (خطأ).
(٣) رواه الدارمي (٢٣٦٧)، والإمام أحمد (١/ ٣٨٤)، وأبو يعلى (٥٢١٠) بسند ضعيف مرفوعًا، وروي موقوفًا وهو الصحيح؛ قاله الدارقطني.
(٤) رواه أبو داود (٤٥٤٢) بسند حسن.
(٥) في "ب": (وهي من عطاء).


الصفحة التالية
Icon