لما وضعوا من الرسم، وربما كانوا يفعلون على وجه البر والصلة بزعمهم وصرفهم (١) ويصرفون ذلك إلى الفقراء (٢) مراءاة ومباهاة فحرّم الله ذلك على المسلمين ﴿ذَلِكُمْ﴾ إشارة إلى الاستقسام (٣) بالأزلام (٤).
﴿الْيَوْمِ﴾ اللام للمعهود وهو يوم عرفة، وقيل: المراد به الآن ﴿يَئِسَ﴾ قنط، كانوا من قبل يطمعون في رجوع المؤمنين لما يشاهدون من النسخ والتبديل فلما قرن الله الشرائع كلها ونفى المشركين عن الحرم وأبطل النسيء قنطوا ويئسوا، والكامل لا يحتمل الزيادة بخلاف التمام ﴿وَرَضِيتُ (٥)﴾ الواو ليس للعطف على العامل في اليوم؛ لأن الرضا لم يختص (٦) بذلك اليوم ﴿مَخْمَصَةٍ﴾ مجاعة، والأخمص: الضامر ﴿مُتَجَانِفٍ﴾ متمايل إلى الإثم (٧) كقوله: ﴿غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾ [البقرة: ١٧٣] ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ تقديره (فأكل غفر له) أو يدل على الرخصة في بيان المحرمات عند الضرورة ولذلك قام مقام الجزاء.
﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ نزلت في زيد الخيل الذي سماه النبي -عليه السلام- (٨) زيد الخير، وفي عدي بن حاتم الطائي سألا رسول الله عن حكم الصيد وما يحل من

(١) (وصرفهم) ليست في الأصل.
(٢) في الأصل: (للفقراء).
(٣) في الأصل: (الاستفهام).
(٤) قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ﴾ [المَائدة: ٣] لا يعود إلى الاستقسام بالأزلام فحسب بل يعود إلى كل ما ذكره الله في الآية من المحرمات فهي خروج عن طاعة الله. وهكذا روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. أخرجه عنه الطبري (٨/ ٧٧).
(٥) في "أ": (ونصبت).
(٦) في "أ": (تختص).
(٧) وهذا تفسير الطبري وأعقبه بقوله: وهو في هذا الموضع مراد به المتعمد له المقاصد إليه، من: جنف القوم عليَّ إذا مالوا، وكل أعوج فهو أجنف عند العرب، وما ذكره الطبري رواه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - حيث قال في قوله تعالى: ﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ﴾ [المَائدة: ٣] غير متعمد. وروي مثله عند الطبري عن مجاهد وقتادة. [الطبري (٨/ ٩٤)].
(٨) (-عليه السلام-) ليست في "ب"، وفي "أ": (عليه).


الصفحة التالية
Icon