ويجوز ترك الفضيلة لبيان الشرع، كتأخير المغرب عند تعليم المواقيت. و (الغسل) إمرار الماء على أعضاء الوضوء، فلولا قوله ﴿فَلَمْ تَجِدُوا﴾ ماء لسقط الوجوب بالغسل بكل مائع و (إلى) بمعنى مع و ﴿الْمَرَافِقِ﴾ اسم لجميع الذراع (١) والعضد، (والمسح) إمساس الماء (والباء) للتبعيض كقولك أخذت بزمام الناقة، وقيل: للاستيعاب (٢) كقوله: ﴿وَلْيَطَوَّفُواْ بِاَلبيتِ العَتِيقِ﴾ [لحج: ٢٩]. وقد روي أنه - ﷺ - (٣) مسح على ناصيته (٤) و (الأرجل) الأقدام واحدها رجل ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾ فاغتسلوا ﴿وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ لابتداء الغاية وهو أن يدفع يديه للمسح من الصعيد ويحتمل التبعيض.
﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ إن أجريت الخطاب على العموم فالميثاق المذكرر ما التزمناه عند الدخول في الإسلام أو حين عقلنا الإسلام (٥) أو ما

= وأبو داود (١٧٢)، والترمذي (٦١)، والنسائي (١٣٣)، والإمام أحمد في مسنده
(٥/ ٣٥٨)، وابن خزيمة (١٢)، والدارمي (١/ ١٦٩) وغيرهم.
(١) قال الزجاج: المرفق في اللغة ما جاوز الأَبره وهو المكان الذي يرتفق به، أي يتكأ عليه على المرفقة - أي الوسادة - وهو حد ما ينتهي إليه في الغسل منها. فإلى بمعنى مع كما قال أهل اللغة. [(معاني القرآن (٢/ ١٥٣)].
(٢) وقيل إن الباء للإلصاق أي: أَلْصقوا المسح برؤوسكم قاله الزمخشري، وقيل: الباء زائدة فهي كقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ﴾ [لبَقَرَة: ١٩٥] ومنه قول الراعي النميري، وقيل لقتال وهو قول الكلابي:
هُنَّ الحرائرُ لا رَبَّاتُ أَحْمِرَةٍ سُودُ المَحَاجِرِ لا يقرأْنَ بالسُّوَرِ
وهذا ظاهر كلام سيبويه. وقال الفراء: تقول العرب "خذ الخطام، وخذ بالخطام". وأما ما ذكره المؤلف من أنها للتبعيض فيشهد له قول أبي ذؤيب الهذلي:
شربنَ بماء البحر ثم ترفعت متى لججٍ خُضْرٍ لهنَّ نئيجُ
أي شربن من ماء البحر.
[الكتاب (١/ ٣٧)، الكشاف (١/ ٥٩٧)، معاني القرآن للفراء (٢/ ١٦٥)، ديوان الهذليين (١/ ٥١)].
(٣) في الأصل: (-عليه السلام-)، وفي "ي": (عليه).
(٤) رواه الشافعي في مسنده (١٤).
(٥) وهو اختيار عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -، رواه عنه ابن جرير الطبري (٨/ ٢٢٠)، وأخرجه الطبراني في معجمه (١٣٠٣١)، ورجحه الطبري في تفسيره، وابن كثير (٢/ ٤١).


الصفحة التالية
Icon