فوق و (١) غاية جهات تحت ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ من الحيوان والنبات وغيرهما (٢) ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ يدل على أنه يخلق اختيارًا واقتدارًا من غير احتياج واضطرار (٣).
﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ إنما ادعوا البنوة لما رأوا أن الله سبحانه وتعالى قال ليعقوب -عليه السلام-: ولدك بكر ولدي، فإن صح فتأويله عندنا إضافة مُلك، كما يقول صاحب الماشية: تاجي ورسلي، ثم أن بعضهم قال: ولد الله وبعضهم قال: ﴿اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ [البقرة: ١١٦] فكذب الله الطائفتين بكونهم بشرًا مدبرين مقهورين، ودعواهم المحبّة مبنية على دعواهم الأولى، والتعذيب بالذنب لا ينافي المحبّة لجواز أن يكون إرادة للخير، قال الله تعالى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢] ﴿مِمَّنْ خَلَقَ﴾ من جنس سائر الناس.
﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ على وجه الحال تبيينًا لكم ما لا يتبين بالعقل دون السماع ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ على حين فترة: يعني مدة ما بين عيسى ونبينا عليهما السلام.
ولد عيسى -عليه السلام- في الشام في ولاية هوادش الإسرائيلي وهو والٍ من تحت يد قيصر، فخافته مريم فاحتملته إلى ناصرة فنشأ هناك وكان الزمان زمان الطوائف بعد الإسكندر، وقيل: أن جرجيس كان بعد عيسى وكان تلميذًا لبعض الحواريين، وقيل: الفترة ما بين جرجيس ونبينا -عليه السلام- وهذا (٤) ليس بسديد لأن جرجيس لم يوصف بالرسالة واختلف في نبوته (٥)، وقيل: الفترة ما بين الثلاثة المرسلين الذين قصتهم في سورة يس ونبينا -عليه السلام-، وقيل: الفترة ما بين خالد بن سنان العبسي ونبينا -عليه السلام-، ولا
(٢) في "أ": (وغيرها).
(٣) (واضطرار) ليست في "ب".
(٤) في "أ": (وهكذا).
(٥) من قوله (أن جرجيس) إلى قوله (في نبوته) ليست في "ب".