يعلم كميّة سنين الفترة أحد حقيقة إلا الله آمنا بالله وبجميع أنبيائه (١). أرسل نبينا -عليه السلام- ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ ختم به النبوة فلا نبي بعده ﴿أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾ فإن الله تعالى حسم بإرسال الرسل احتجاجًا باطلًا، لو لم يرسل لما كانت للناس حجة صحيحة، والخطاب هاهنا لأهل الكتاب ولا خلاف في وجوب الإيمان عليهم.
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى﴾ العامل في (إذ) قوله: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى﴾ والعامل في (إذ) (٢) الثانية ما في النعمة (٣) من معنى الإنعام ﴿فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ﴾ موسى وهارون ومن بعدهما من الأسباط ﴿وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا﴾ باستيلاء يوسف على مصر. ثم يردهم إلى ما ترك آل فرعون من جنات وعيون ﴿وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ ابتلاء آل فرعون بأنواع من العذاب لألجهم وفرق البحر وأنزل التوراة في الألواح إليهم ومناجاة السبعين منهم والتوبة عليهم حين اتخذوا العجل.
﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا﴾ حين خرج بهم (٤) من مصر غازيًا غير هاربٍ وهي الخرجة الثالثة له والثانية لقومه ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ أوجب الله لكم ملكها ميراثًا من أبيكم إبراهيم، وقالوا بعد ما رجعت (٥) العيون إليهم وهم

(١) ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره الخلاف في مقدار هذه الفترة التي هي ما بين نبي الله عيسى -عليه السلام- ونبينا محمد -عليه السلام-، فنقل عن أبي عثمان النهدي وقتادة أنها ستمائة سنة ورواه البخاري عن سلمان الفارسي. وهناك أقوال أخرى في تحديد المدة الزمنية عن الضحاك والشعبي. وأما ما ذكره المؤلف أن الفترة ما بين خالد بن سنان ونبينا محمد، وحكاه القضاعي وغيره، فهو مردود، كما قاله الحافظ ابن كثير وغيره، فخالد بن سنان ليس بنبي كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا قال: "إن أولى الناس بابن مريم لأنا؛ لأنه لا نبي بيني وبينه".
[الطبري (٨/ ٢٧٥)، تفسير ابن كثير (٢/ ٤٧)].
(٢) (إذ) ليس في "أ".
(٣) في الأصل و"ي": (النقمة) وهو خطأ.
(٤) (بهم) من "أ" "ي".
(٥) في الأصل: (بعده أربت) وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon